د. فاطمة بخيت
كان صُبْحُه مميزاً، هواؤه عليلاً، نورٌ ينشرُه في الأرجاء ليبعث روح الأمل من جديد، بعد معاناة طويلة مع شتى أنواع الظلم والاستبداد امتدت لعقود من الزمن، سببُها التآمرُ على هذا الشعب، وفرض الوصاية عليه من قبل الأجنبي الذي تمثّل في الدول العشر وعلى رأسها أمريكا التي كانت تتحكَّمُ في شتى القرارات وفي مقدمتها القرار السياسي.
حورب هذا البلد في شتى الجوانب، سياسيًّا، اقتصاديًّا، اجتماعياً، ثقافيًّا، دينياً، إعلامياً، جغرافياً وغيره من الجوانب.. الهدفُ تفتيتُه وتدميرُه؛ تمهيداً لاحتلاله والسيطرة عليه ونهب ثرواته ومقدراته، لولا أنّ اللهَ مَنَّ عليه بنعمة السيد القائد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله- الذي تصدى لهذه المؤامرات وكان لها بالمرصاد، ومعه أحرار هذا الشعب الذين هبوا من مختلف أنحاء اليمن، ووقفوا صفاً واحداً مع هذا القائد الحكيم، وشاركوا في نجاح ثورة 21 سبتمبر التي أعادت لليمن عزته وكرامته، وقطعت يدَ الوَصاية عليه والتبعية والارتهان، فكانت بحق ثورة بيضاء، تحمِلُ مشروعاً حضارياً نهضوياً، يستمد قوانينَه من كتاب الله كمنهج يكفل أسباب الاستقامة والنجاح لكافة البشر، ثورة تقبل بالآخر شريكاً في السلطة، فحملت مشروعاً سلمياً تمثل في اتّفاق السلم والشراكة الذي باركه الجميعُ بمن فيهم الأممُ المتحدة التي انقلبت على إرادَة الشعب بعد مباركتها.
ثورةٌ منظَّمَةٌ لم تخلّف الفوضى والاختلالات الأمنية التي تعقب الكثير من الثورات في مختلف أنحاء العالم، فأعطت صورةً تختلفُ عن الصورة النمطية التي اعتادها الجميعُ عن الثورات.
ولأنّ هذه الثورة كسرت قيودَ الوصاية لقوى الاستكبار، وعارضت أهدافَهم ومخطّطاتهم، فما هي إلا فترة وجيزة وقامت تلك القوى بشن عدوانها الغاشم وحصارها الظالم، ولم تحترمْ إرادَة هذا الشعبِ في تقرير مصيره، واتِّخاذ قراره في من يحكمه ويدير شؤونه، لتبدأ مرحلةٌ جديدةٌ من مراحل الثورة التي قامت ضد عملاء الخارج، ليواجِهَ هذا الشعبُ العدوَّ الخارجي والمتسبب الحقيقي في معاناته لعقود، ومن كان يتحكم حتى في وقف التنمية والتقدم في مختلف المجالات.
وعلى الرغم مما يمتلكُه العدوان من إمْكَانات هائلة ومتطورة، ومرتزِقة اشتراهم بالمال الرخيص من الداخل والخارج بمختلف الجنسيات وبأعداد كبيرة، إلا أنّه لم يحصد خلال السنوات السبع إلا الكثير من الخيبات والخسران، ولا يزال رجالُنا الأحرارُ الثائرون يسطّرون أروعَ الملاحم في مختلف الجبهات، ومعهم أحرارُ هذا الشعب بمختلف فئاته، فلا يكاد يمر يومٌ من الأيّام إلا ونسمع فيه عن انتصاراتٍ كبيرة ومشرفة في هذه الجبهة أَو تلك، جعلت العالَمَ ينظُرُ بإكبار لأبناء هذا الشعب المعتز بنفسه والواثق بربه في تحقيق النصر.
وقد كان آخر تلك الانتصارات عملية “فجر الحرية” الذي بزغ من مديريتي الصومعة ومسورة في البيضاء، فأزاح بنوره ظلماً وظلاماً امتد لأعوام، وسبّب معاناةً كبيرةً لأبناء المحافظة، عملية من عشرات العمليات التي حقّق فيها الجيش واللجان الشعبيّة انتصاراتٍ كبيرةً داخل اليمن وخارجه، ومنها عمليات الصواريخ البالستية والطيران المسيَّر؛ لتؤكّـد أنّ الثورةَ لا زالت مُستمرّة، وسيمتد الفجر بنوره حتماً إلى بقية المناطق اليمنية، وسيتنفس الجميعُ هواءَه العليل، وسيبتهجُ بنوره كُـلُّ الشرفاء والأحرار، وستحرّرُ كافةُ الأراضي اليمنية من أيدي الغزاة والمحتلّين، وسيتحقّق النصرُ المؤزَّرُ بإذن الله.