منير الشامي
شهر رجب الحرام هو أحد الأشهر الحًرم الأربعة التي حدّدها الله سبحانه وتعالى بقوله (منها أربعة حُرُم) وهو ثانيها في الترتيب السنوي بعد شهر محرم، فهو شهر عظيم عند الله وهو شهر معظم عند العرب عامة وعند اليمنيين بشكلٍ خاص فالعرب كانت تعظم هذا الشهر من قبل الإسلام، وبعد أن ظهر الإسلام وبعث رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- رسله لدعوة العرب للدخول بالإسلام سجل اليمنيون موقفاً تاريخياً خالداً في هذا الشهر المبارك وبه اكتسبوا هُــوِيَّتهم الإيمَـانية ونالوا الوسام الإلهي والنبوي لهذه الهُــوِيَّة، في لحظة تاريخية اجتمعت فيها أركان الهُــوِيَّة اليمانية الستة وهي:
١ـ أشرف رسالة من رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- إلى اليمنيين.
٢ـ أعظم سفير وأكرم موفد من رسول الله إلى اليمنيين ذلك هو أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام-.
٣ـ محتوى الرسالة الشريفة: دعوة اليمنيين إلى دين الإسلام.
٤ـ المدعوون: أهل اليمن.
٥ـ الزمان: أول جمعة من شهر رجب الحرام.
٦ـ المكان: أطهر ساحة بمدينة صنعاء القديمة.
وفي الزمان والمكان المحدّدين اجتمع الداعي مع المدعوين وتلى عليهم الرسالة الشريفة فسمعوها وهم لها خاشعون وما إن انتهى لم يمهلوه فرصة ليسألهم عن الرد فأسمعوه ردهم قبل سؤاله وشهدوا بالله رباً وبمحمد نبياً ورسولاً فابتسم وتهللت أساريره كما ابتسموا وتهللت أساريرهم فحمد الله ساجداً وذكره شاكراً وقال لهم: ها هنا هو مسجدكم فأين المسمورة والمنقورة أحدّد لكم معالمه وأُبين لكم قبلته كما علمني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- وأسس في ساحة اللقاء أول جامع في اليمن وهو الجامع الكبير بصنعاء، ومن قداسة الزمان وطهارة المكان وعظمة الدعوة ومنزلة الداعي ورقة قلوب المدعوين ودخولهم في دين الله أفواجاً تشكلت الهُــوِيَّة اليمانية الفريدة وخصوا بها دون غيرهم فجعلت منهم أنصاراً لله ولرسوله وحملة لدينه ودعاة إليه من تلك اللحظة وحتى قيام الساعة جيلاً بعد جيل.
ها هو العالم كله يرى حشود اليمنيين رجالاً ونساءً هذا العام وفي أول يوم من شهر رجب شهر هُــوِيَّتهم وعيد أعيادهم في موقف النصرة لله ولدينه وموقف الغضب والسخط على أعدائه مرتكبي الجريمة النكراء -إحراق نسخ من المصحف الشريف- والتي ارتكبها متطرفون سويديون من أعداء الله وبحماية وتدبير وترتيب من حكومتهم السويدية المجرمة وبإيعاز من الماسونية واللوبي الصهيوني، مسارعاً سباقاً دون كُـلّ شعوب المسلمين لنصرة دين الله ومبادراً في ظل تخاذلٍ مخزٍ من كُـلّ العرب أنظمة وشعوباً.
ولا غرابة في ذلك فهو يحمل هُــوِيَّته الإيمَـانية وحكمته اليمانية التي يفتقرون إليها ويجسِّدُها فكراً وسلوكاً في شهره المعظم وشهر الله الحرام.