فقط.. لمن خاف مقام ربه!

فقط.. لمن خاف مقام ربه!

ولكن هناك ما يخصك أيضاً: أربع جنات، يأتي الوصف أولاً لجنتين منها، {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: 46-47]، نعمه “سبحانه وتعالى” عندما أنعم عليك في هذه الحياة الأولى، إذا شكرت الله عليها؛ تصل بك إلى نعمه العظيمة جدًّا في عالم الآخرة، في الجنة.

 

{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}[الرحمن: الآية48]، هاتان الجنتان فيهما مختلف أصناف الفواكه والأشجار، كل جنةٍ منهما جنة واسعة جدًّا، مزرعة واسعة جدًّا جدًّا جدًّا، إلى درجة أنها تتسع لكل أصناف الفواكه، ولكل أصناف الأشجار، من كل فاكهة تتوفر فيها، وكل الأشجار تتوفر فيها، والأشجار فيها (أشجار الفواكه) مورقة، مونقة، لم تكن على حال قد أثَّر عليها عطش، أو مناخ، أو جو؛ فتتساقط أوراقها، وتصبح أشجاراً بدون أوراق، أو أن فيها أصناف محدودة، لا، هي في نفسها كأشجار مورقة، مزهرة، مثمرة، مونقة، خضراء، يانعة، وليست لا مهتلة الأوراق، وليست قليلةً في أصنافها من الفواكه والأشجار.

 

{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}، وأيضاً مرتَّبةً ترتيباً بديعاً، بجمالٍ فائق، وترتيبٍ إلهيٍ فريد، ليست بشكل غابة، أو مزرعة مزروعة بشكلٍ عشوائي؛ إنما هي مرتَّبة بشكلٍ جماليٍ وفنيٍ بديعٍ جدًّا، مبهرٍ، ومنوعٍ، وبشكلٍ فنيٍ راقٍ جدًّا جدًّا، ومبهجٍ وبديع.

 

الآن في عالم الدنيا، بعض الحدائق تحتاج إلى خبراء ومختصين؛ لتشذيبها، وتنظيمها، وترتيبها، وترتيب نسق الزراعة فيها، وتوزيع الأشجار بشكلٍ معين، وقصها، وتنظيمها بشكلٍ معين؛ أمَّا ذلك الترتيب فهو ترتيبٌ من الله “سبحانه وتعالى”، الكريم، بديع السماوات والأرض، المتقن “جلَّ شأنه”، أحكم الحاكمين، على أرقى مستوى في تنظيمها، وتهذيبها، وتوزيعها.

 

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية49]، نعم عجيبة جدًّا.

 

{فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}[الرحمن: الآية50]، في كلٍّ من تلك الجنتين، المياه متوفرةٌ جدًّا، لن تحتاج إلى مضخة، في الدنيا إذا اقتنيت مزرعة، عليك أن تحل مشكلة المياه، وأنت بحاجة إلى مضخة، وقد تحتاج إلى الاشتراك مع آخرين في مضخة معينة، وتحصل على حصة من الماء، وتحتاج إلى عناء، ومتطلبات، واحتياجات، وبرنامج طويل عريض؛ أمَّا هناك فالماء متوفر ويجري، يجري على وجه تلك الجنة، ووفرته تلك، مع منظره البديع، الجميل، الأشجار والفواكه المثمرة، المورقة، المونقة، الجميلة، الرائعة، والمياه تجري بشكلٍ مستمرٍ ومتدفقٍ من تحتها، منظر رائع، وبهيج، وجميل جدًّا.

 

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية51]، نعم عجيبة جدًّا.

 

{فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}[الرحمن: الآية52]، كل أصناف وأنواع الفواكه تتوفر، في كلٍ من تلك الجنتين، لا فاكهة إلا ومنها موجودٌ  في جنتك تلك، {مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ}، بلا استثناء، وأكثر من صنف، {زَوْجَانِ}، أكثر من صنفٍ واحد، وتتوفر تلك الفواكه، وهناك متسع لها، ليست مزرعة صغيرة متضايقة، والأشجار فيها مزدحمة، لا تدخل فيها إلا بصعوبة، وتخرج بصعوبة، هناك اتساع هائل، مدهش جدًّا، وسَعة وكثرة في هذه الأشجار، ووفرة إلى حدٍ عجيب، {مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}، ومن فواكه الجنة، من فواكه الجنة، على أرقى مستوى، في شكلها، في طعمها، في مذاقها، في رائحتها، في منظرها، جمعت بين اللذة والجمال.

 

{مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (53) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (54) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}[الرحمن: 53-56]، في نفس حدائق الجنة، في نفس هذه المزارع، هذه المزارع الواسعة جدًّا، المزرعة تكون وسيعة جدًّا، واسعة للغاية، ومع ذلك المنظر البهيج للأشجار، والمياه تجري، فيها أماكن للجلوس، والتنعم، والراحة، والاستمتاع، أماكن في داخل تلك الجنات نفسها، متكئات وأماكن معدة ومهيأة للجلوس عليها، بين تلك المزارع نفسها، تجلس، ولديك متكأ، معد إعداداً رائعاً جدًّا، حتى أن فرشه من الحرير، مالا يستخدم في هذه الدنيا إلا للملوك، ولكبار الأغنياء في هذا العالم؛ أما هناك فأنت كملك، ومن حرير الجنة، لا يساويه أي حريرٍ في الدنيا، فيما هو عليه من الجمال والروعة، وناعم جدًّا، وتجلس في تلك المتكآت، متكأ مهيأ، معداً، بين تلك الأجواء الرائعة جدًّا، بين تلك الأشجار والفواكه الجميلة جدًّا، وهو مهيأٌ بشكلٍ فنيٍ رائعٍ جدًّا.

 

{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ}، متكئين وهم في غاية الراحة والنعم، ليس هناك ما ينغص عليهم تلك الأجواء.

 

{بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}، والثمار، ثمار الجنتين قريبة من متناولهم، يعد له الأماكن المناسبة التي يجلس فيها، ويمكنه اقتطاف تلك الثمار، وتلك الفواكه، وتناولها وهي طازجة، وهو في ذلك الجو المريح والمبهج، يستمتع بأكل تلك الفواكه، وبالنظر إلى تلك المناظر الرائعة، والخلابة، والجميلة جدًّا.

 

من ثمار الجنة، من ثمار الجنة، ليست كفواكه الدنيا، فواكه الجنة لا تحتاج إلى تعب عليها، لا تحتاج إلى أن تحافظ عليها من الآفات والحشرات، بالمكافحات والمبيدات، لا تحتاج إلى حراسة، لا تحتاج إلى تعب، لا تحتاج إلى أي عناء، سليمة، وراقية جدًّا، ونظيفة، وسليمة من كل الآفات، لن تتسلط عليها حشرات معينة، أو ديدان معينة، أو أشياء معينة، لم تتأثر بأنه لحق بها ظمأ أو عطش؛ لأنه لا يلحق بها عطش أبداً، المياه متوفرة وتجري من تحتها باستمرار، في الدنيا قد تتأثر مزرعتك بفعل العطش، بقلة الماء، يؤثر هذا حتى على ثمارها؛ أما هناك فلا، لا تأثيرات بسبب عطش؛ لأنه لا يوجد عطش، ولا تأثيرات من حشرات، ولا آفات، ولا أي شيء أبداً، ولا تحتاج إلى أي تعب، خالصة من كل المنغصات والمتاعب، هذا لا يوجد في الدنيا لأي أحد، لا لملك، ولا لتاجر، ولا لأي أحد، أن يكون له نعيمٌ بهذا المستوى، نعيمٌ عجيب.

 

{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}[الرحمن: من الآية54]، قريب، في متناولك، يمكنك أن تقتطف تلك الثمار، وتأكل منها، وأنت في تلك الأجواء المبهجة والسعيدة.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الثامنة 1442هـ