التكلفة الصفرية للعدو الحقيقي في الحرب على اليمن

التكلفة الصفرية للعدو الحقيقي في الحرب على اليمن

بقلم / د. شعفل علي عمير

يقول المَثَلُ العربي (لكل زمان دولة ورجال) وأثبتت الأيّام أَيْـضاً بأن لكل زمان صولة وسلاح، فقد تعددت طرق القتال طبقاً لتعدد أدوات وأساليب الحروب ولأن الحروب تعد جانباً مهماً في استنزاف الدول المتصارعة فقد تطورت تلك الحروب إلى الحد الذي وصلت فيه تكلفتها على الدول الغازية إلى الصفر.

وتعني التكلفة الصفرية هي أن تقاتل الدول الغازية وتقتل بأدواتها التي أوجدتها من ذات المجتمع المستهدف بعكس الأجيال السابقة التي اعتمدت على القتال بالسلاح الأبيض وكان هذا ما يسمى بالجيل الأول، أما الجيل الثاني الذي كان يعتمد على السلاح الناري عند اختراع البارود، تلى ذلك الجيل الثالث كان في عصر السلاح النووي وأخيرًا اعتمدت قوى الشر على الجيل الرابع الذي يعتمد على مبدأ أن تترك عدوك يحارب نفسه بنفسه وهذا الجيل من الحروب هو السائد في عصرنا الحاضر الذي سبقه عمليات تدجين وغزو ثقافي وفكري لتحريف الوعي واغتيال البصيرة في المجتمعات التي تعد هدفًا للغزاة.

اعتمدت قوى العدوان مبدأ التكلفة الصفرية في عدوانها على اليمن مستغلة بذلك قلة الوعي الحاصل في أوساط المجتمع وما ساعد هذه القوى على اعتماد الجيل الرابع من الحروب هو الوضع المزرِي الذي آلت إليه أحوال الأُمَّــة وانصرافهم عن هدى الله وتعاليم الدين الحنيف ومن جانب آخر تلك الأنظمة والأحزاب والجماعات أَو التنظيمات السياسية والوجاهات القبلية أَو مؤسّسات مخترقة كالجامعة العربية التي تحولت إلى أدَاة مطيعة ومطبعة بيد الأنظمة الخليجية التي تمولها كما جندت أحزاباً بأيديولوجيات متباينة وعلماء دين يضللون الأُمَّــة بفتاويهم لغرض خلق صراع مذهبي وأيديولوجي مستدام يستنزف الأُمَّــة في مواردها البشرية والمادية، أوجدت قوى العدوان أدوات رخيصة تعمل دون وعي لخدمة خصمها الحقيقي في الوصول إلى الهدف الذي مِن أجلِه غزت وأعتدت على هذا البلد حتى توصلها إلى مرحلة الدولة الفاشلة ليسهل احتلالها، وفي سياق العدوان على اليمن فقد عمدت قوى العدوان على إيجاد مناطق غير مسيطر عليها من قبل الدولة وهي إحدى الركائز الأَسَاسية في حروب الجيل الرابع كما أوجدت هذه القوى جيشاً من شباب المجتمع غير الواعي كأدوات قتل تعتمد عليه في السيطرة على مقدرات الأُمَّــة والتحكم في مصيرها وهذا الجيش هو في الحقيقة الجيش الحقيقي للمحتلّ الذي أوكلت إليه المهمة بدلاً عن جيش الدولة المحتلّة.

وما نلاحظه فعلاً هو إنشاء جيش من المرتزِقة في كُـلّ الدول التي تكون هدفاً للمحتلّ تحت مسمى (الجيش الوطني) حتى يوهموا المجتمع بأن الحرب الحاصلة إنما هي صراع داخلي وهذا ما نلاحظه في واقعنا وما نسمعه من وسائل إعلامهم الخبيث وما حال المرتزِقة الآن في اليمن إلَّا أدوات رخيصة من الشباب السذج والأغبياء تستعملهم قوى الشر للوصول إلى مخطّطاتهم وتنفيذ مشاريعهم في السيطرة على الدولة ونهب ثرواتها فيما يكتفي المرتزِقة والجماعات التي تخدم العدوان بالفتات مقابل التضحية بسيادة الوطن واستقراره ونهب ثرواته.

شيءٌ عجيبٌ أن يصل الحالُ بأي فرد محسوب على الدولة كمواطن إلى هذا الحد من العمالة والانحطاط وصدق الله القائل: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور).

نعم إنه عمى البصيرة التي كانت نتاج الأفكار المغلوطة والأفكار المنحرفة وتأثرهم بها وفي مثل هذه الأحوال فَـإنَّ المواجهة مع العدوان يجب أن تكونَ في مسارَين المسار العسكري الجهادي والمسار التوعوي لترميم ما أحدثته سنوات من التدجين والغزو الثقافي والفكري الذي أوجد جيلاً بل أجيال من عديمي الوعي بما يخطط له الأعداء وما يحاك من مؤامرات على الأُمَّــة ودينها الحنيف، مسار يعيد لشباب الأُمَّــة ارتباطهم بالمنهاج الصحيح والحقيقي للدين الإسلامي الذي لم يسلم من استهداف العدوّ بفعل علماء الدين الذي غرستهم قوى الشر في منابر الإسلام وقبلة المسلمين.