اليمنُ الوجهُ الحقيقيُّ للأُمَّـة

اليمنُ الوجهُ الحقيقيُّ للأُمَّـة

صبري الدرواني

ما يعانيه المجتمعُ البشري في هذه المرحلة من أزمات وفتن ومظالِمَ رهيبة وإفلاس في الأخلاق هو نتاجٌ للحرب الشيطانية التي حمل رايتها الطاغوت.

منذُ قيامِ الكيان الصهيوني المؤقَّت منذ العام ١٩٤٨م حتى هذا اليوم؛ اتسمت مواقفُ الأنظمة العربية الرسمية بالهُزالِ والضَّعفِ والجُبنِ والهزيمة في مواجهته، وباستثناء مراتٍ محدودة عبر التاريخ قامت فيها بعضُ الدول العربية (مصر/ سوريا/ العراق) بعمليات ضد الكيان الصهيوني أَو هجماتٍ متفرقة، إلا أن الواقعَ العربي في الغالب اتسم بالضَّعف واكتفى العربُ عبر سبعين سنة بالقمم الجوفاء والبيانات الركيكة والشجب والإدانة ومطالبة المجتمع الدولي… إلخ.

قممٌ وبياناتٌ جميعها مع الأسف لم تكن ذات فاعلية أَو جدوى حتى تولَّدت حالةٌ من اليأس والقُنُوط لدى الشعوب العربية من أَيِّ تحَرّك عربي جاد وفعّال يخدُمُ أبناءَ فلسطين حقًّا، وانقسمت الأنظمة العربية بين لا مُبالٍ أَو متواطئٍ أَو في أفضل الحالات (وسيط محايد) كما قطر ومصر اليوم، في حين تولى مهمةَ مواجهة هذا الكيان الغاصب أبناءُ الشعب الفلسطيني المحاصَر وحركاتُ مقاوَمةٍ عربية وبدعم دولٍ وأنظمةٍ إسلاميةٍ غيرِ عربية!

إن من مفاعيلِ العملية المباركة “طُـوفان الأقصى” أننا اليوم نشهدُ للمرة الأولى موقفاً رسمياً عربياً لدولةٍ عضوٍ في جامعة الدول العربية وهي اليمن، خرج كُـلُّ أبناء الشعب اليمني ليتوحَّدوا رغم اختلافِهم وفئاتِهم وأحزابِهم، بالوقوف مع الشعب الفلسطيني ومظلوميته، ولم يكن موقفاً كَلامياً أَو استعراضياً للمزايَدة والتكسب، وإلا لكان لمرةٍ واحدة.

إن استمرارَ عمليات الجيش اليمني بشكلٍ صار شبهَ يومي وبشكل معلَنٍ وصريحٍ وقوي، سواء عبر قصف المسيَّرات أَو الصواريخ البالستية أَو الصواريخ المجنحة أَو من خلال حظرِ الملاحة الصهيونية في مضيق باب المندب الاستراتيجي، كُلُّها عملياتٌ تؤكّـدُ أننا أمام نظامٍ عربي جديد يبعَثُ على التفاؤل، نظامٍ شابٍّ وشجاعٍ وعروبي لا يساوم.

إن قصفَ اليمن مدينة أُمِّ الرشراش “إيلات” بأكثرَ من ١٠٠ صاروخ باليستي ومجنَّح وطائرة مسيَّرة، ومنعَ سفن الكيان الإسرائيلي المؤقَّت من المرور عبر باب المندب والبحر الأحمر، واستهدافَ سفينتَينِ إسرائيليتَين، واقتيادَ واحدة أُخرى إلى اليمن، هو أشرفُ موقفٍ من نظام عربي تجاه الكيان الغاصب، وبلا شك أنه موقفٌ صُلبٌ ومؤثِّرٌ ويبعثُ على التفاؤل.

تخيَّلوا معي لو أن كُـلَّ نظام عربي اليوم قدَّم حتى 5 % مما قدمه الشعب اليمني كيف كان سيصبح وضعُ النظام الصهيوني؟ وهل ستستمرُّ حملتُه العدوانية على غزة حتى اليوم؟

مهما اختلفت مع اليمنِ أَو شكَّكت في جدوائية ما تفعلُ إلَّا أنه يبقى خيارًا أفضلَ من الصمت والشجب والتنديد.

بارك الله في السواعد التي أعدت وأطلقت وكبَّرت.

وموقفُكم سيخلِّدُه التاريخُ، وإنْ كَرِهَ المتصهينون.