د. شعفل علي عمير
عندما تقومُ ثورةٌ في أيِّ بلد فَـإنَّها تأتي نتيجةَ واقعٍ رفضه الشعبُ ويسعى لتغييرِه فترتكزُ هذه الثورةُ الشعبيّةُ على أهدافٍ تسعى لتحقيقها ويقدِّمُ الشعبُ؛ مِن أجلِها الدماءَ رخيصةً، ولكن عندما تنحرِفُ الثورةُ عن مسارها وتبقى الأهدافُ التي قامت لأجلها مُجَـرَّدَ شعاراتٍ لا تتجاوزُ الصفحاتِ الأولى من الصُّحُفِ الصادرة وكتاباتٍ تَسُدُّ بعضَ الفراغات في بعض إصداراتنا فَـإنَّها حتماً لن تُكتَبَ لها الاستمرارية، فهي مؤشرٌ لبداية النهاية لهذه الثورة وبدايةُ البداية لثورة تصحِّحُ وتحقّقُ ما لم تحققه هذه الثورة.
ونتيجةَ الاختلال الذي حصل لثورة 26 سبتمبر أرادت القوى الحية في وطننا العظيم أن تقوم ثورة تصحيحية لتعديل مسار الثورة السابقة التي اغتالتها أيادي الطغاة فأصبحت الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر مُجَـرّد حبر على ورق لا أكثر فلم يكن هناك تحرّر من الاستبداد والاستعمار ومحلفاتهما بل كانت هناك تبيعة مطلقة لدول الاستكبار ومخلفاتها من عملاء وخونة في محيطنا العربي، كما أنه لم يتم بناء جيش وطني قوي لحماية اليمن بل إنه تم بناء جيش لحماية النظام الحاكم وترسيخ مبدأ العمالة والتبعية وهذا ما ترتب عليه التفريط في ثروات الشعب اليمني وتسخيرها لزيادة ثروات أركان النظام فأصبح الشعب اليمني يعاني من الفقر واتسعت رقعة الفقراء مع الزمن فلم تعمل الثورة شيئاً لرفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً كما تدّعي في أهدافها.
جاءت ثورة 21 سبتمبر لتصحيحِ المسار وتحقيق الأهداف وكان لزاماً على الشعب اليمني أن يدفعَ ضريبة عالية لتحقيق الأهداف، ففي زمن قياسي وظرف استثنائي استطاعت ثورة 21 سبتمبر أن تحقّقَ أهمَّ الأهداف، وهو التحرّر من الاستبداد والاستعمار والتبعية وامتلاك القرار اليمني وكذلك بناء جيش وطني قوي لحماية اليمن من التدخلات الخارجية ولا زالت ثورة 21 سبتمبر في بدايتها وسوف يستمر الجهادُ لينالَ الشعبُ عزتَهُ وكرامته واستقلال قراره الذي كان مرهوناً سابقًا بما تمْليه أجندةُ القوى الخارجية.
إن مؤشراتِ الواقع تبشِّرُ بأن المستقبلَ هو لليمن وأن العزة والكرامة هي لليمنيين استحقاقاً يستحقُّ التضحيةَ وهدفاً لن يقبَلَ الشعبُ وقيادتُه الثورية والسياسية أيةَ مساومةٍ تحولُ دونَ تحقيقه.