خبث اليهود في سعيهم لفصلنا عن الانتماء الإيماني

خبث اليهود في سعيهم لفصلنا عن الانتماء الإيماني

ولهذا يحذِّرنا الله منهم، فيقول: {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}، ويجب أن يتلمَّس الإنسان، تجاه كل خطوة، كل ما يقدَّم وهو يفصل الناس عن انتمائهم الإيماني:

 

ما كان بشكل عقائدي.

ما كان بشكل ثقافي وفكري.

ما كان بشكل أخلاقي وسلوكي.

ولو كان له قناع ذو وجه عربي أو إسلامي، فإنَّ وراءه اليهود، وراءه اليهود الصهاينة، وراءه مساعيهم الشيطانية لأن يفصلوا الأمة عن انتمائها الإيماني على كل المستويات، وبكل أسلوبٍ خبيثٍ وماكر.

 

يقول الله “سبحانه وتعالى” أيضاً عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء: من الآية44]، وتكرر الحديث عنهم في القرآن الكريم أنهم يريدون، ويودون، ويسعون، ويعملون، لإضلالنا، يعملون على أن نضل، على أن نكون أمةً ضالة، ضالة على كل المستويات، يتسرب هذا التضليل من جانبهم بأساليبهم الماكرة، وأحياناً عبر أدواتهم، عبر عملائهم، عبر المرتبطين بهم، يتسرب:

 

إلى الثقافة.

إلى العقيدة.

إلى المفاهيم.

إلى الرأي العام تجاه قضايا كثيرة جدًّا.

فإذا بالناس يحملون- أحياناً- عقائد ضالة، هم وراء تسريبها، هم وراء زرعها في الاتجاه العقائدي للأمة.

 

فإذا بالناس يحملون مفاهيم، والكثير منها هم من عمل على أن يدسها في ثقافة الأمة، وهي مفاهيم خطيرة، تخدمهم، وتضل الأمة، وتضيعها عن المفاهيم الصحيحة، عن الرؤية الصائبة.

 

ثم على مستوى الرؤية:

يحاولون أن يؤثروا في الرؤية لدى الأمة تجاه مختلف القضايا، وبالذات فيما يتعلق بالصراع معهم، وبالذات فيما يتعلق بكل ما يبني الأمة لتكون بمستوى مواجهتهم.

 

على مستوى التأثير على الرأي العام:

من خلال النشاط الإعلامي، الذي يزيِّف الحقائق، ويزيِّف النظرة إلى كثيرٍ من الأمور، لهم نشاط واسع جدًّا، ومن أهم ما يركِّزون عليه: التأثير على الرأي العام.

 

ولذلك يجب أن نكون على يقظة تامة، وأن ندرك جيداً، وأن نعي جيداً: أنَّ كثيراً مما نسمعه، من الرؤى، والتحليلات، والتصورات، مما يخدمهم، إنما هم وراء ذلك، ولديهم أساليبهم التي يوصلون ما يؤثِّر على الرأي العام، ما يؤثِّر على الرؤية العامة:

 

على مستوى الشعوب.

أو على مستوى الحكومات.

أو على مستوى الاتجاهات والكيانات.

هم يعملون على ذلك، وكيف يوصلونها، بطريقة، أو بأخرى.

 

التضليل على مستوى الجانب المعلوماتي:

يقدمون معلومات مخادعة، على المستوى الاستشاري في مراكز الدراسات والأبحاث، ومن الغبن الشديد لبعض الأنظمة العربية أنها تعتمد عليهم، مع الانبهار بهم، تعتمد على معلوماتهم، تعتمد على مراكز دراساتهم وأبحاثهم في الأمور السياسية، والقضايا المهمة؛ فيستطيعون أن يقدِّموا- وبصفة استشارية- رؤى مخادعة، رؤى مخطئة، رؤى غير صائبة أبداً، ومنها ما يتجه بالإنسان إلى أن يتبنى عداءً لبديلٍ عنهم، عداءً لمن يعاديهم هم؛ حتى تصبح الرؤية تجاه العدو والصديق رؤية خاطئة تماماً، حتى ينصرف البعض، وتنصرف بعض الجهات:

 

عن الأولويات الصحيحة.

عن المواقف الصحيحة.

عن الاتجاهات الصحيحة.

نتيجةً لهذا التضليل، التضليل الواسع، الذي يأتي عبر وسائل كثيرة، وبأساليب كثيرة جدًّا.

 

من أهم ما نبَّه عليه القرآن الكريم وحذر منه فيما يتعلق بهم، هو الإفساد، وقال عنهم أنهم: يسعون في الأرض فساداً:

{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[المائدة: من الآية64]، ومعنى هذا: أنهم يعملون بكل الوسائل، بكل الأساليب، على نشر الفساد في كل المجالات، وفي مقدمته: الفساد الأخلاقي، هم يعملون بكل وسيلة، بكل جهد، إلى انتشار الرذائل، إلى انتشار الفساد الأخلاقي، إلى انتشار جرائم الزنا والفساد الأخلاقي على نحوٍ واسع، إلى تفكيك الأسر والمجتمعات، وضرب اللبنة الأولى في تأسيس المجتمعات، التي هي الأسرة، هذا مخطط رئيسي بالنسبة لهم، ومسعىً يستمرون في العمل عليه بكل الوسائل، وبكل الأساليب.

 

وفي هذا العصر يستغلون التقنيات والإمكانات المعاصرة، والوسائل المعاصرة، التي يمكن أن تستغل على نحوٍ واسع، لنشر الفساد، وما يوصل إلى الفساد، وما يسبب للفساد، وهم وراء نشر الكثير من الثقافات، والمفاهيم الخاطئة، التي تخرج المرأة عن حشمتها، التي تكسر الحواجز والضوابط الشرعية والأخلاقية ما بين الرجل والمرأة، والتي تسعى إلى نشر الفساد بشكلٍ واسع على هذا المستوى، وكذلك على بقية المستويات.

 

معنى هذا: أنهم يعملون بجدٍ واهتمامٍ كبير في هذا المجال؛ لأنه يخدمهم:

 

يخدمهم في تفكيك المجتمع.

يخدمهم في ضرب الأسرة؛ حتى لا تبقى هذه اللبنة الأساسية في المجتمع قائمة.

يخدمهم في ضرب النفوس، في تحطيم النفوس، في تمييع النفوس، في تطويعها، والسيطرة عليها، وإخضاعها.

يخدمهم في ضرب الروح المعنوية لدى الأمة ولدى شعوبها.

مما أخبر عنهم أنهم يحرصون على سياسة التفريق:

وبلغوا فيها إلى النهايات:

 

يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله.

يسعون، ويتعلمون أن يفرقوا حتى- كما قال الله عنهم- ما بين المرء وزوجه، {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}[البقرة : 102]، إلى هذا المستوى.

ومعنى هذا: أنهم يعملون على تفريق الناس بكل الوسائل، وعملوا على هذا، عملوا على هذا، وحققوا خطوات كبيرة في تفريق الأمة الإسلامية.

 

فرقوا الأمة الإسلامية وقطعوا أوصالها:

على المستوى الجغرافي والسياسي: أوجدوا بينها الحواجز الكبيرة جدًّا.

ثم يسعون لتوظيف الخلافات المذهبية، من خلال الشحن الطائفي، والعداوات المذهبية، إلى أنهى مستوى.

 

ثم يستمرون إلى بعثرة الشعوب، كل شعبٍ في داخله، وتجزئة هذا المجزأ من أبناء الأمة، تحت كل العناوين:

 

العناوين السياسية: يجزئون الأمة من خلالها باستمرار، ويبعثرونها إلى كيانات، وبشكلٍ مستمر، كيانات بعد كيانات بعد كيانات، ويشجعونها على المزيد والمزيد من الفرقة والاختلاف في كل شيء:

 

ألَّا يكون لها رأيٌ واحد.

ولا كلمةٌ واحدة.

ولا منهجٌ واحد.

ولا موقفٌ واحد.

ولا توجهٌ واحد.

وأن تكون مبعثرة، متفرقة، مختلفة في كل شيء:

تختلف أنظارها في كل شيء.

وآراؤها في كل شيء.

وأن تتباين في كل شيء.

وألَّا تتفق على شيء.

لديهم نشاط واسع في الإطار السياسي، وتحت العناوين السياسية، والأساليب السياسية، في هذا الاتجاه.

 

وعلى المستوى الثقافي والفكري.

وعلى المستوى الديني.

لا يزالون يعملون على المزيد والمزيد من الفرقة والفرقة والفرقة، والشتات، والبعثرة، عمل نشط جدًّا.

 

وحتى على المستوى الاجتماعي: إثارة مشاكل وحساسيات بين الرجل، والمرأة، والشباب، والكبار، والصغار.

وعلى المستوى المناطقي: هم يعملون على ذلك، ويستغلون المعقدين، والذين لديهم مشاكل وعقد نفسية، وثقافية، وفكرية، في هذه الإشكالات وإثارتها.

يعملون بكل جهد على توظيف كل المشاكل، والأزمات، والخلافات، والتباينات، إلى أقصى حد:

وباتت هذه مشكلة مؤثرة على واقع أمتنا، ومضعفة لأمتنا، ومؤثرة على نهضتها، مؤثرة حتى على مستوى أن تسير في حياتها بشكل اعتيادي وطبيعي، ما بالك بأن تنهض، أزمات كبيرة في أمتنا الإسلامية، في هذه الدولة، وتلك الدولة، والدولة الأخرى:

 

أزمات سياسية.

أزمات اقتصادية.

أزمات اجتماعية.

أزمات أمنية.

مشاكل على كل المستويات.

تجعلها:

 

غارقة في مشاكلها وأزماتها.

وفي حالة من الإحباط والضغط الكبير.

يسعون أيضاً إلى تجريد أمتنا من كل عناصر القوة المادية، على المستوى الاقتصادي:

كما قال الله عنهم: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: من الآية105]، لا يريدون لنا أي خير، الله هو الذي يخبرنا بذلك، ليس مركز دراسات وأبحاث مشبوه، أو خاطئ وقاصر في قراءته وفي معطياته، الله هو الذي يخبرنا عنهم: أنهم ما يودون لنا أي خير:

 

لا معنوي.

ولا مادي.

ولذلك لهم دور كبير في:

 

أن يبقى وضعنا الاقتصادي- كأمةٍ مسلمة- على ما هو عليه من السوء والتردي.

وأن تبقى أمتنا مجرد سوقٍ استهلاكية لمنتجاتهم وبضائعهم.

وألَّا نكون أمةً قوية، تحقق لنفسها الاكتفاء الذاتي.

ألَّا نكون أمةً منتجة، تستثمر خيراتها ونعم الله عليها؛ لتكون أمةً قويةً، مصنعةً، منتجةً، تعتمد على ما منحها الله “سبحانه وتعالى” من النعم.

فيعملون بشكلٍ مستمر أن نبقى:

 

أمةً تعتمد عليهم اقتصادياً في كل شيء.

وأمةً تعيش الأزمات الاقتصادية.

أمةً تعتمد سياسات اقتصادية خاطئة، مفلسة، تصنع المزيد، وتنتج المزيد، من:

الأزمات.

والمشاكل الاقتصادية.

والبؤس.

لديهم أيضاً سعي لأن يؤثروا على مستوى التوجهات والسياسيات الاقتصادية، وأن يؤثروا أيضاً على النهضة العلمية، فلا تنهض الأمة علمياً:

ولهذا ينزعجون انزعاجاً شديداً من نهضة الجمهورية الإسلامية في إيران، يستهدفون علماءها، فيعملون على اغتيالهم، وعلى قتلهم؛ لأنهم لا يريدون أن ينهض أي شعبٍ مسلم:

 

أن يمتلك العلم والمعرفة، التي تساعده على بناء نهضة وحضارة.

وأن يبني وضعه الاقتصادي على أساسٍ صحيح.

فهم يحاربون ذلك بشكلٍ واضح.

 

هم يريدون أن تبقى هذه الأمة سوقاً استهلاكية لمنتجاتهم، وأن تذهب كل الأموال إلى بنوكهم، وإلى جيوبهم:

أن يستأثروا بالمواد الخام في هذه الأمة، وعندما يعيدون إنتاجها، وحصلوا عليها بالمجان، أو بأبخس الأثمان، يعيدون تصديرها إلينا، ليحصلوا في المقابل على أموال هائلة جدًّا، فنبقى دائماً ندفع لهم، ومن واقع: بؤس، وفقر، وحرمان، وعناء.

 

سعيهم أيضاً لمنع امتلاك القدرات العسكرية لهذه الأمة، وبالذات على أساسٍ من الاستقلال:

وهذا واضحٌ جدًّا، هم يسعون- فيما يتعلق بهم- أن يمتلكوا أفتك أنواع الأسلحة، وسعى الكيان الإسرائيلي إلى أن يمتلك حتى السلاح النووي، وأنشطته واهتماماته العسكرية معروفة، لا مثيل لها في منطقتنا بشكلٍ عام:

 

تعبئة عامة.

نشاط مستمر.

سعي مستمر لتقوية جيشه، للاستفادة من كل وسائل العصر.

سعي للحصول على كل جديد من الأسلحة المهمة، والفتاكة، والتقنيات العسكرية المتطورة، سعي مستمر.

بينما في واقعنا: هناك عمل جاد لمنع بلدان أمتنا من امتلاك قدرات عسكرية قوية، جيدة، ولهذا:

 

انزعاجهم الكبير من الجمهورية الإسلامية في إيران، ألَّا تطور أسلحتها الصاروخية.

انزعاجهم الواضح من شعبنا اليمني، ومما بات يمتلكه من قدرات عسكرية.

انزعاجهم الجنوني من اقتناء حزب الله للسلاح، ومن ترسانته العسكرية.

انزعاجهم الشديد جدًّا من امتلاك المجاهدين في فلسطين للسلاح.

وانزعاجهم الشديد من أن تتطور هذه القدرات، وأن تمتلك شعوبنا المزيد من القدرات العسكرية.

هذه بالنسبة لهم مسألة حساسة جدًّا، يعملون على محاربتها بكل جهد، ويسعون إلى الحيلولة دونها بكل الوسائل، حتى على مستوى الثقافة العامة: يحاولون أن يقدموا صورة وفكرة عامة لدى شعوب أمتنا، يبعدونها من خلالها:

 

عن الأخذ بعناصر القوة.

عن إعداد ما تستطيع من القوة.

عن السعي لأن تكون أمةً قوية على كل المستويات، وأن تمتلك القدرات العسكرية والاقتصادية، وسائر القدرات وعناصر القوة اللازمة.

ولهذا نلاحظ أنهم يسعون أن تبقى مسألة القدرات العسكرية، في حدود ما يمتلكه عملاؤهم، بمقدار ما ينفذونه لخدمتهم، فهذا المسموح به لهذه الأمة: أن تمتلك من القدرات العسكرية ما تنفذ به مخططاتهم، ومؤامراتهم فقط.

 

أما غير ذلك، فهم يسعون إلى محاربة هذه الأمة، هذه الشعوب، ألَّا تمتلك القدرات العسكرية، ولا السلاح العسكري، ويجعلون هذه مشكلة، ويحاولون أن ينظر إليها على أنها مشكلة، وأنها سلبية، وأن أي شعب من هذه الشعوب يمتلك القدرة العسكرية يجب أن يجرد من هذه القدرة، ويجب أن تسحب منه هذه القدرة، وأن يبقى هذا فقط لهم هم، أن يبقى لهم هم الحق في أن يمتلكوا كل أنواع السلاح، حتى النووي؛ بينما شعوب هذه الأمة ليس مسموحاً لها أن تمتلك أي نوع من أنواع السلاح، وهذه مسألة معروفة وواضحة.

 

ومع ذلك، مع كل مؤامراتهم، ومكرهم، وكيدهم، وسجلهم الإجرامي بحق هذه الأمة، وما قد قتلوا، وما يفعلونه يومياً من الممارسات الإجرامية في فلسطين، وفي غير فلسطين، وأنشطتهم المستمرة في استهداف هذه الأمة في كل المجالات، يقدمون عنوان (السلام) للخداع فقط، ليس للسلام الذي يقدمونه من مضمون فعلي، إلا الاستسلام لهم، من خلال التبعية لهم، وتنفيذ مؤامراتهم ومخططاتهم.

 

يريد أن يحتل الأرض، أن يقتل مئات الآلاف، وأن يأتي من هذا الواقع الذي بنى فيه كياناً غير شرعي، مسيطراً على أرضٍ من أرض الأمة، مضطهداً لشعبٍ من شعوب الأمة، ومسيطراً أيضاً على أراضٍ أخرى، ومناطق أخرى، من واقعه العدواني، الإجرامي، المغتصب، المستمر في مؤامراته، ليقدم عنوان (السلام)، وهذا مجرد خداع؛ لأنه:

 

على ما هو عليه من احتلال.

على ما هو عليه من سلوك إجرامي.

على ما هو عليه من اضطهاد لأبناء هذه الأمة، ولجزءٍ من أبنائها.

على ما هو عليه من مؤامرات، وحقد، وعداء، أخبر الله عنه، وأخبر الواقع عنه.

ثم ليقدم عنوان (السلام) كمجرد خداع، وليس هناك من مضمون إلا ماذا؟ إلا الاستسلام؛ لأنه يريد أن يبقى الأمر كما هو، وأن يأتي من هذا الواقع الذي هو فيه، وأن يتم التعامل معه بما هو عليه، وتحت عنوان (السلام).

 

معنى هذا: هو الاستسلام، معنى هذا: هو تمكينه من النفوذ في بقية بلدان هذه المنطقة، من التأثير، من التحرك بمؤامراته، والاستمرار في مؤامراته، بأقل كلفة.

 

ولهذا يجب أن تكون أمتنا على وعيٍ تام: أنه عدوٌ مخادع، وأنه مستمرٌ في مؤامراته، وأنه يريد مما هو فيه، وما هو عليه، وما هو مواصلٌ ومستمرٌ فيه: أن يقدم هذا العنوان لمجرد الخداع، وليحظى من خلاله بتبعية البعض تحت هذا الغطاء، وهي حالة تبعية له:

 

في مؤامراته.

في إجرامه.

في سياساته العدائية بحق هذه الأمة.

هذا العدو مهما فعل، ومهما يشكله من خطورة، ومهما قد فعله في كل هذه المراحل الماضية، فإننا نصل إلى حقيقة الحتميات الثلاث: الحتميات الثلاث التي هي نهاية لكل هذا الصراع، ومآلات هذا الصراع، ومآلات هذا العدو إليها حتمية.

 

الحتميات الثلاث قدمها القرآن الكريم، ويجب أن نعيها جيداً:

الحتمية الأولى: هي هزيمة هذا العدو:

هذه مسألة محتومة، أكد عليها الله في القرآن الكريم، في الوقت الذي أخبر الله فيه في بداية سورة الإسراء:

 

عن هذا العدو.

عن خطورته.

عن فساده في الأرض، {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}[الإسراء: من الآية4].

أخبر- في نفس الوقت- عن حتمية سقوط هذا العدو، وهزيمة هذا العدو، وفشل هذا العدو، وأن هذه النهاية حتمية، فيقول الله “سبحانه وتعالى”: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا}، يعني: وعد المرة الآخرة من المرتين، {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}، {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء: من الآية7]، فهو يبين هنا النتيجة الحتمية لسقوط هذا العدو، وهزيمة هذا العدو، وهذه طمأنة كبيرة جدًّا، وهذا هو مقتضى العدل الإلهي، مقتضى العدل الإلهي: كيان بهذه الإجرامية، بهذا الإفساد، بهذا التضليل، بهذا العداء لله، ولرسله، ولأنبيائه، ولعباده، بهذا السلوك الإجرامي، مآله هو الهزيمة، هو السقوط، هو هذه النهاية المحتومة.

 

الحتمية الثانية: حتمية خسارة الموالين له:

أن الذين يوالون هذا العدو، ودخلوا في رهانات خاطئة، وتصورات باطلة، وأوهام، وسذاجة، وغباء، دفعهم إليها ما هم عليه من المرض في قلوبهم، الانحطاط الأخلاقي والإنساني، يقول الله “سبحانه وتعالى”: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}، و(عسى) من الله هي وعد، ليست تخمينات، ليست احتمالات، هي وعدٌ قاطع، {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة: 52-53]، إن كل هؤلاء المطبعين والمطبلين للتطبيع، والمتجهين (علناً، أو سراً) في الولاء للعدو الصهيوني الإسرائيلي اليهودي، واللوبي اليهودي في العالم، مهما فعلوا، مهما كانت تبريراتهم، مهما كانت إمكانياتهم؛ تصوراتهم خاطئة، ورهاناتهم ساقطة؛ وفشلهم، وخسرانهم، وندمهم، هو النتيجة الحتمية، ومآل أمرهم إلى ذلك حتماً، لا شك في ذلك، لا شك في ذلك.

 

الحتمية الثالثة: هي غلبة عباد الله، المؤمنين، الذين وثقوا به:

الذين عندما اتجه العدو ليستقطب أبناء هذه الأمة، ليكونوا موالين له، كان ولاؤهم هم لله “سبحانه وتعالى”، ولاؤهم في الاتجاه الصحيح، ارتباطهم وثقتهم بالله “سبحانه وتعالى”، وتوكلهم عليه، فكان نتاج ذلك: ثباتهم على الموقف الحق، على الموقف الصحيح، على الاتجاه الصحيح.

 

لاحظوا، الله أخبر عن العدو الإسرائيلي أنه عدو، حتى على المستوى الرسمي العربي كان هناك اعتراف بأنه عدو للأمة، كان هذا محط اعتراف في الجامعة العربية، في منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً، وكانت هذه مسألة معروفة لدى الجميع، الذي ارتد عن هذا، إلى مسار التطبيع والولاء لإسرائيل علناً، بعد أن كان سراً: هو يخرج عن هذه الحقيقة، هو أوقع نفسه في اتجاه يخسر فيه، لا شك في ذلك.

 

فالاتجاه الأصيل، الثابت، الصحيح، الذي تعتمد فيه الأمة على الله “سبحانه وتعالى”، تتوكل عليه، تلتجئ إليه، تجاهد في سبيله، تسير وفق هديه، تعتمد على منهجه، وتنهض بمسؤولياتها وواجباتها في الدفع لهذا الخطر، بالاعتماد على الله “سبحانه وتعالى”، هذا يؤهل الأمة لتكون حزباً لله؛ ينصرها الله، ويعينها، ويؤيدها.

 

فالحتمية الثالثة: هي غلبة حزب الله: حزب الله هم هؤلاء الذين يتجهون هذا الاتجاه:

 

في الولاء لله “سبحانه وتعالى”.

والثقة به.

والتوكل عليه.

ويعتمدون على منهجه.

يسيرون وفق توجيهاته.

يهتدون بهديه.

ينهضون بمسؤولياتهم وواجباتهم.

{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة: 56].

 

فمآلات هذا الصراع الحتمية هي في هذه الثلاث:

 

في هزيمة العدو.

في خسارة الموالين له.

في انتصار المؤمنين، الذين ينطلقون على أساس هدي الله.

وهذا هو الموقف الصحيح، الذي يجب أن تتوجه الأمة على أساسه، وأن تتحرك بمقتضاه، هذا هو التوجه الصحيح، والخيار الصحيح، وإيجابياته كبيرة في واقع الأمة؛ لأنه يمثل عاملاً لنهضتها، لأخذها بأسباب القوة، لاحتمائها من هذا الخطر في كل أشكاله، في كل ثغراته التي ينفذ منها، ويتسلل إلى الأمة عبرها.

 

ونجد إيجابيات هذا الموقف في من يتبناه، في من ينطلق على أساسه:

هم الأحرص على امتلاك هذه الأمة لعناصر القوة.

هم الأحرص على أن تكون هذه الأمة:

متوحدة.

وقوية.

ومتآخية.

وواعية.

وفاهمة.

هم الأحرص على أن يتصدوا لكل محاولات الفتنة في داخل هذه الأمة.

هم الأحرص على بناء القدرات، وتحصين هذه الأمة.

إيجابية واضحة جدًّا.

 

نجد أيضاً في المنهج القرآني- مع وضوح أنشطة هذا العدو- أن علينا:

أن نعمل على تحصين أمتنا من الولاء له، على أن يكون هناك نشاط تعبوي مستمر:

للعداء لهذا العدو.

للحذر من كل الثغرات التي ينفذ منها.

أن ننزل في كل ميدان بوعي:

ميدان المعركة الثقافية.

المعركة الفكرية.

المعركة السياسية.

المعركة في الميدان الإنساني والأخلاقي.

المعركة في كل مجال.

 

وأن ندرك:

أن مع العدو جيشاً، من نفس أبناء الأمة، يشتغل به في كل ميدان:

في المجال الثقافي.

والفكري.

والسياسي.

أن من يصدِّر إلى أمتنا تلك الأفكار المشبوهة، تلك المفاهيم الخاطئة، التي تضل الأمة، أو تفسدها، هم اليهود الصهاينة، عبر عملائهم، عبر وكلائهم، عبر خدامهم، الذين يشتغلون في ذلك.

وأن نسعى لتحصين ساحتنا الداخلية على كل المستويات.

وأن نعمل على تفعيل المقاطعة، مع الشعارات التي تستنهض الأمة في العداء لهذا العدو، وترسخ هذه الحقيقة في أنه العدو، وتمثل حافزاً مهماً، للاتجاه في كل عناصر وأسباب القوة (المعنوية، والمادية) في كل المجالات، أن نعمل على تقوية المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.

هذه نقطة مهمة جدًّا، لأن أكثر ما يفيد العدو على المستوى الاقتصادي والمادي هو بضائعه، هو تجارته، التي يعمل على الترويج لها، وعلى نشرها، وسلاح المقاطعة سلاح فعال، وباستطاعة كل إنسان أن يفعله، وهو موقفٌ مسؤولٌ وواعٍ، وهو من أقل ما يجب علينا، من أقل ما يجب علينا، سلاح فعال، سلاح مهم.

 

 الله “سبحانه وتعالى” أمر المسلمين في زمن رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله” أن يقاطعوا (مفردة) كلمة، كان العدو يستفيد منها في معنىً من معانيها: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[البقرة: من الآية104]، فكيف لا نقاطع البضائع التي تذهب من خلالها مليارات الدولارات إلى جيوب الأعداء، ويستفيدون منها في محاربة أمتنا، وفي دعم موقفهم ضدنا، وفي تعزيز قدراتهم العسكرية لمواجهتنا؟! هذه مسألة مهمة جدًّا.

 

أما سلبيات المواقف الأخرى:

موقف العمالة:

اتجاه العمالة هو اتجاه خاسر، يمكِّن إسرائيل، يمكِّن العدو اليهودي، اللوبي اليهودي العالمي، من إخضاع من يخضع له، واستغلاله، بدون محبة، {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران : 119]، بدون محبة، مع أنه سيبقى عدواً حتى لهم؛ إنما يستغلهم.

 

سلبية اتجاه موقف الجمود:

الجمود هو استسلام.

الجمود هو تمكينٌ للعدو.

الجمود هو تكبيلٌ للأمة، تكبيلٌ للأمة عن التحرك.

مخالفة لمنهج القرآن الكريم.

الجمود يترتب عليه تعاملٌ باستهتار، تجاه هذا الخطر، وتجاه كل قضايا الأمة، كل واقع الأمة.

من لديهم اتجاه في العمالة، أو الجمود، هم الأكثر سلبية في الواقع الداخلي للأمة:

 

ليس عندهم أي حرص على وحدة كلمة الأمة.

ولا على أن تكون أمةً قوية.

ولا على معالجة أي مشاكل من مشاكلها بكل جدية.

إذاً الاتجاه الصحيح واضح، يبقى أن يكون المسار مستمراً، وأن يكون هناك جدية كبيرة جدًّا في الحديث عن هذا العدو، والأنشطة العملية على كل المستويات.

 

في الختـــــــــــــــام:

 

نؤكد أولاً: على ثباتنا على موقفنا المبدئي الإيماني، في مناصرة الشعب الفلسطيني، والوقوف مع كل الأحرار في أمتنا، ومحور المقاومة، في السعي لتطهير كل بلاد المسلمين من العدو الإسرائيلي، وتحرير المقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف.

ثانياً: نؤكد وقوفنا مع كل شعوب أمتنا، في كل قضاياها ومظلومياتها، في:

العراق.

ولبنان.

وسوريا.

والبحرين.

والأقليات المسلمة المضطهدة في سائر أنحاء المعمورة.

أتوجه إلى شعبنا اليمني العزيز، يمن الإيمان، يمن المواقف الإيمانية، يمن الرجولة والشجاعة والثبات، يمن التضحية والصمود:

 

بهويتك الإيمانية، أنت يا شعبنا اليمني، أنت تمثل إزعاجاً كبيراً لهذا العدو الإسرائيلي، من بداية ثورتك الشعبية وهو يعلن ويعبر عن انزعاجه الشديد منك:

 

من ثورتك.

من مسارك التحرري.

من مسيرتك القرآنية.

من توجهك القرآني.

من وعيك.

من تحركك الجاد.

إلى درجة أنه قال: أنك تشكل خطورةً عليه أكبر من النووي الإيراني.

ينزعج اليوم من تطويرك لقدراتك العسكرية؛ لأنها قدرات معها وعي، معها إيمان، معها موقفٌ صحيح، موقفٌ ثابت، موقفٌ صامد، موقفٌ لا يتغير بفعل الضغوط، ولا بفعل عدوان العملاء، والخونة، والأدوات التي يعتمد عليها الأعداء.

ولذلك كنت:

 

بارزاً في موقفك.

صادقاً في موقفك.

جاداً في موقفك وتوجهك.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة يوم القدس العالمي 1442هـ