أنها ليست مؤطرةً بإطارٍ مذهبي، ولا تعبِّر عن مذهب معين، وليست مؤطرةً بإطارٍ مناطقي، ولا حتى بالحدود الجغرافية التي كُبِّلت بها الأمة، وفصلت بها الأمة عن بعضها البعض، بل هي تؤسس لهذا التلاقي مع كل أبناء الأمة، لهذا الاندماج مع كل أبناء الأمة، والتفاهم مع كل أبناء الأمة في التصدي للخطر الذي يهدد الجميع، ويستهدف الجميع.
هي في نفس الوقت محرجة للأعداء، هم إن سكتوا عنها؛ أغلقت الساحة في وجوههم، وعبَّأت الحالة الشعبية ضدهم، وإن حاربوها؛ فضحتهم، فضحت عناوينهم في الحرية، في حقوق الإنسان، في الديموقراطية... في تلك العناوين، ولذلك كانت خطوات حكيمة.
وهي مؤثرة، من أثرها هو هذا: أنها تغلق الساحة في مسارهم الاستقطابي ضد نشاطهم لاستمالة الأمة، لخداعها، للاتجاه بها إلى الولاء لهم، وتعبئ الأمة في حالة من العداء للعدو، والموقف من جرائمه ومساعيه الشيطانية.
واضحٌ تأثيرها على المستوى المعنوي، وعلى مستوى تحصين الداخل، وعلى مستوى إغلاق الساحة أمام العدو واستقطاباته.
واضحٌ تأثير المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية على المستوى الاقتصادي، وبالذات كلما اتسعت دائرتها، ووعت الأمة أنها هذا سلاح فعَّال بكل ما تعنيه الكلمة، واهتمت بذلك، كما أنه سيكون عاملاً مهماً في بناء الأمة على المستوى الاقتصادي لصناعة البدائل، وللنهضة، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي.
واضحٌ تأثير الوعي القرآني في الارتقاء بالأمة ونهضتها، والتحرك بها في مسارات عملية تبني نفسها في كل المجالات.
واضحٌ الأثر الملموس في من انطلقوا بصدقٍ وجدٍ ووفاءٍ في هذا المشروع القرآني، في ثباتهم في كل المراحل، من تلك البدايات الصعبة: وهم يُسجَنون فلا يتراجعون، وهم يُطَاردون ويُلَاحَقون، وهم يُقَتَّلون وتُدَمر قراهم ومدنهم، وهم يستهدفون إعلامياً، وهم يستهدفون بكل شكلٍ من الأشكال بحروب مدمرة، بضغوط، بلوم من الجميع، في ثباتهم، في صبرهم، في عطائهم، في تضحياتهم، في ثباتهم في كل هذه المراحل التي عبروها.
واضحٌ أيضاً الأثر الكبير في قيمة هذا المشروع في تجاوز كل تلك المراحل.
هذه البدايات من مميزاتها أيضاً: أنها متاحة، صرخة تصرخ بها، مقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، عملاً ميسَّراً وسهلاً ومتاح لكل إنسان، ولذلك ليست مكلِّفةً جداً، يمكن للفقير، يمكن للغني، يمكن للشخص البسيط، يمكن للشخص النخبوي... للكل أن يتبنوا هذه المواقف، ليست معقَّدة، يمكن تفعيل الجميع فيها، يمكن التحرك الواسع فيها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1442هـ