د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
في بداية القرن الماضي تمكّنت بريطانيا من السيطرة على الكثير من الأراضي العربية والإسلامية، ومنذ ذلك الحين نصَّبت نفسها وصياً على شعوب تلك الأراضي، وعملت على حياكة المؤامرات على الأُمَّــة لمنعها من أي تحَرّك قد يؤثر على مكانتها في المنطقة.
ومن أهم تلك المؤامرات وعد بلفور عام 1917م الذي تم بموجبه منح اليهود حق البقاء في الأراضي الفلسطينية العربية، ثم عملت بريطانيا على تقسيمِ المنطقة العربية ورسمت لأقطارها الحدودَ التي وضعت فيها مشاريع صراع مستقبلية.
وكانت الاستراتيجية التي استخدمتها لضمان بقائها في المنطقة تقومُ على منع ظهور أي مشروع يواجهُ سياستها يرتكزُ على الدين، فشجّعت ظهورَ المشاريع القومية والمذاهب والجماعات التي في ظاهرها إسلامية وفي أصلها تعملُ على تفكيك المسلمين والتشكيك في المبادي الإسلامية الصحيحة، مثل المذهب الوهَّـابي والديانة البهائية.
ومن هنا نجد أن بريطانيا تستخدم الأساليب الناعمة في مواجهة تطلعات الأُمَّــة وما زالت تعمل بواسطة تلك الأساليب إلى يومنا هذا.
وفي اليمن نجد من خلال متابعتنا لما يجري فيه اليوم خَاصَّةً بعد فشل القوة العسكرية المدعومة من الكثير من دول العالم في القضاء على المسيرة القرآنية، رأينا أن الأصابعَ البريطانية بدأت تتحَرَّكُ من الخلف من خلال استخدام أدواتها الناعمة، حَيثُ بدأت مؤخّراً بعض القوى الدينية والسياسية التي هي على خِلافٍ مع أنصار الله فكرياً وسياسيًّا بالتحَرّك داخل أوساط المجتمع بعضها تحت يافطة نشر السلام، والبعض الآخر تحت عنوان أن الحرب هي بين إخوة مسلمين.
وفي الأخير وجدنا وبشكل ملفت ظهورَ العديد من الأشخاص يدّعون النبوة أَو المهدوية، والهدفُ الرئيسيُّ من تلك التحَرّكات هو محاولةُ إقناع العامة بتغيير موقفها من القوى الوطنية التي تعمل على تحرير الأُمَّــة من سيطرة واضطهاد القوى المستكبرة المتمثلة بأمريكا وبريطانيا وأدواتهما.
والهدفُ الأهم هو محاولة التشكيك بمقام قائد الثورة السيد العلم عبدالملك الحوثي، والذي حقّقت الأُمَّــةُ تحت قيادته الانتصاراتِ الكبيرةَ في مختلف الجوانب وخَاصَّة العسكرية والسياسية.
وأنا أكاد أجزم أن خلف تلك التحَرّكات الأيادي البريطانية خَاصَّةً بعد أن أحرجتها تلك الانتصاراتُ التي كشفت سوءَ تقديرها للموقف، وما يؤكّـد ما ذهبنا إليه، تحَرّكاتُ السفير البريطاني في اليمن واتّهاماتُه لحكومة صنعاء غير المتوازنة التي يكرّرها على الدوام، ومع ذلك فالواقعُ الآن يشيرُ إلى قُربِ انتهاءِ الوَصاية البريطانية على الأُمَّــة.