نعمة البحار ودورها الكبير في الحياة

نعمة البحار ودورها الكبير في الحياة

{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ}[الرحمن: 19-20]، البحار تغطي مساحة واسعة على كوكب الأرض، ويقدِّرها البعض بثلثي مساحة الأرض مغطاة بالبحار، والبحار لها دور كبير في حياة الإنسان، وهي من مظاهر النعم الكبرى على الإنسان، ومن مظاهر التسخير العجيب لهذا الكون، ولهذه الأرض، وما على هذه الأرض، لصالح الإنسان، البحار بحجمها الهائل، بعمقها الواسع، وبحركتها العجيبة واضطرابها وتموجها، يصعب على الإنسان أن يضبطها، وأن يسيطر عليها، وأن يستغلها، لكن الذي سخَّرها له هو الله “سبحانه وتعالى”.

 

والنعم في البحار هي نعم كثيرة جدًّا، عندما نتأمل ما أودع الله في البحر من النعم، أولاً الثروة الغذائية ثروة كبيرة جدًّا، الأسماك والأحياء البحرية التي يستفيد الإنسان منها، نعم واسعة وكبيرة، في غذائه، وفي حركته التجارية والاقتصادية، ويتفرع عنها الكثير من النعم.

 

النعم الأخرى أيضاً فيما يتعلق بالبحار، مع نعمة التقاء هذه البحار، مثلما قال هنا: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}، التقاء البحار شكَّل حلقة وصلٍ للحركة التجارية، والحركة الاقتصادية، وللتنقل بالنسبة للإنسان، وربط ما بين القارات عل الأرض ربطاً عجيباً، وجعل هذه الحركة التجارية الضخمة بين مختلف المناطق على الأرض، والتي هي متباعدة، في شرق الأرض وغربها، ربط ما بينها، وجعل هذه الحركة ميسَّرة وسهلة.

 

ونجد أن هذا الالتقاء بين البحار فيه آيةٌ عجيبةٌ جدًّا، تحدث عنها في هذه الآية المباركة، عندما قال: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ}، فالبحار تلتقي، يلتقي هذا البحر والبحر الآخر، ونجد هذا بشكلٍ واضح، عندما نلحظ مثلاً كيف يلتقي البحر الأحمر بخليج عدن، ثم خليج عدن يلتقي بالبحر العربي، البحر العربي يلتقي بالمحيط الهندي، يلتقي البحر الأبيض المتوسط بالمحيط أيضاً، وهكذا تلتقي المحيطات والبحار- والمحيطات هي بحار كبرى- تلتقي فيما بينها، وهذا الالتقاء لا يفقد أياً من البحرين- البحر الذي التقى مع البحر الآخر- أياً من خواصه؛ لأن لكل بحر خواصاً معينة، بيئة معينة، وخواصاً في واقعه وفي داخله خواص معينة، عندما يلتقي البحر مع بحرٍ آخر لا يمتزجان، فيغلب بحرٌ منهما على البحر الآخر، إلى درجة أن المحيط- وهو بحر كبير جدًّا– عندما يلتقي ببحرٍ أصغر لا يغلبه، فيمتزج به بشكلٍ كامل، ويفقده كل خواصه، وهناك حديث يطول عن التيارات البحرية، وعن الخصوصيات للبحار، عادةً ما يأتي الحديث عنها في العلوم المختصة بهذا المجال، وفي الإنتاجات الإعلامية التي تختص بهذا المجال.

 

التقاؤهما وبشكلٍ مباشر الماء مع الماء، بدون أي حاجزٍ ماديٍ صخريٍ مثلاً، أو نحوه، إنما هو حاجزٌ من قدرة الله “سبحانه وتعالى”، الذي عبر عنه في قوله: {بَرْزَخٌ}، في إطار التدبير الإلهي، الذي جعل لكل بحرٍ خواصه، وجعل أيضاً ما يحول دون أن يبغي أحدٌ منهما- عند الالتقاء- على البحر الآخر، فيمتزج فيه بكله، ويفقده كل خواصه.

 

هذا يساعد على التنوع، التنوع البحري، فيمتاز بحرٌ معين بخصوصيات معينة، بأحياء بحرية معينة، بأشياء معينة، إنتاجات معينة، نعم معينة، ويمتاز البحر الآخر كذلك، وبالتالي يحصل هذا التنوع الواسع جدًّا، الواسع جدًّا، والمفيد للإنسان نفسه.

 

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية21]، والنعم في البحار من أوسع وأكبر وأكثر النعم التي يستفيد منها الإنسان، ويزداد مع الوقت اكتشافه للمزيد منها، واستغلاله للمزيد والمزيد منها.

 

 {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن: الآية22]، إلى جانب ما فيها من النعم، التي هي نعم متنوعة وكثيرة، ومنها نعمة الغذاء للإنسان المتوفر في البحار، هناك أيضاً نعم أخرى، حتى نعمة الزينة، اللؤلؤ والمرجان، والأحجار الكريمة، التي يستغلها الإنسان في مجال الزينة، والله خلق أشياء كثيرة في البر والبحر، مما يستخدمها الإنسان كزينة، وهي مظاهر جمال، وتروق للإنسان، ويُعجب بها، نعم الله واسعة جدًّا على هذا الإنسان.

 

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية23]، لا يمكن للإنسان أن ينكر هذه النعم، فلماذا لا يشكرها؟ لماذا لا يشكر الله عليها؟

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة السادسة 1442هـ