من جانب آخر: فيما يتعلق بمسؤوليتنا العامة، تجاه الواقع الذي نعيشه:
نحن- كما قلنا- في مواجهة عدوان، عدوانٍ تشرف عليه أمريكا، عدوان بتخطيط وتدبير (إسرائيلي، بريطاني، أمريكي)، تنفذه أدوات من عملائهم على المستوى الإقليمي والمحلي، ونحن في إطار هذه المسؤولية نتحرك من واقع وعي، من واقع إدراك لمسؤوليتنا أمام الله “سبحانه وتعالى”، فهم صحيح لما يهدف إليه هذا العدوان من سيطرة علينا، وعلى بلدنا، بما ينتج ويترتب على هذا العدوان- فيما لو تمكَّن من تحقيق أهدافه- من مخاطر رهيبة.
الواقع من حولنا معروف على مستوى الأمة بشكلٍ عام، عشنا الأيام الماضية، ونحن نتابع باهتمام كبير، وبتنسيقٍ أيضاً في إطار محور المقاومة، الجولة التي استجدت ما بين أخوتنا الفلسطينيين، وما بين العدو الإسرائيلي، العدو الإسرائيلي فجَّر الموقف في إطار تلك الجولة من الاشتباك، عندما أقدم على تعديات خطيرة وكبيرة، تستهدف المسجد الأقصى، وسعى إلى المزيد من خطواته السيئة والخطيرة، في تهويد مدينة القدس، وفي سعيه للسيطرة على المزيد من أحياء المدينة، وبالذات الأحياء القديمة، والأحياء القريبة من المسجد الأقصى، اعتداءاته اليومية، وجرائمه اليومية، بحق الشعب الفلسطيني مسألة معروفة، وهي- بحد ذاتها- تعطي الحق والمشروعية للشعب الفلسطيني، لأن يطرد ذلك الكيان الغاصب، وذلك العدو المجرم، الذي ارتكب أبشع الجرائم، منذ بداية أمره، منذ بداية اغتصابه وتواجده على أرض فلسطين.
هذه الجولة كان فيها الكثير من الدروس والعبر:
من أهم ما فيها: أننا رأينا، ورأى العالم أجمع، الثمرة الطيبة للصمود، للثبات، للتحرك الجاد، في مواجهة العدو، وعندما كان بين الإخوة الفلسطينيين في هذه الجولة مستوى جيد من التنسيق والتعاون، كانت الثمرة ثمرة طيبة، وثمرة مهمة جداً.
ولذلك نحن نشد على أيدي إخوتنا الفلسطينيين في تعزيز هذا التآخي والتعاون، في ترسيخ هذا المستوى من التعاون والتنسيق فيما بينهم؛ لما له من أهميةٍ كبيرةٍ جداً.
واحدةٌ من الحقائق الجلية: أن الشعب الفلسطيني المسلم، بتوكله على الله “سبحانه وتعالى”، بصموده، وصبره، وتضحياته، هو جديرٌ في أن يكون بمستوى المسؤولية، في التصدي للعدو الإسرائيلي، طالما استمر في أخذه بعناصر وأسباب النصر، والتأييد الإلهي.
والذي يقع على عاتق بقية الشعوب أن تكون:
جنباً إلى جنب حاضنةً لهذا الشعب، ولمقاومته الباسلة.
مؤيدةً بالكلمة، وبالمال، وبالموقف، في أي مستوى يتطلبه الواقع، وتفرضه المسؤولية.
وأن تكون مواكبةً للأحداث، مع تحسيسها الشعب الفلسطيني بأنها دائماً إلى جانبه، بأنها معه، بأن قضيته قضيتها.
وهذا هو الواقع: المسؤولية تقع على عاتق الأمة جمعاء، في أن تكون حاضرةً بصوتها المسموع، بكل المواقف الداعمة، والمؤيدة، والمساندة.
لقد أراد الأعداء من خلال مساعيهم في التطبيع، إلى أن يقدموا خدمةً للعدو الإسرائيلي، في أن يجمدوا هذا المحيط العربي والإسلامي، تجاه أي موقف مناصر للشعب الفلسطيني؛ حتى يستفرد العدو الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني، ويسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء عليها، ولكنهم فشلوا بحمد الله “سبحانه وتعالى”.
وتجلَّى مع هذه الجولة من الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، مدى تفاعل الشعوب، وتألمها، وتحركها، وتأثرها، وتفاعلها، تجاه ما يجري، وهذه صحوة ضمير في الواقع العربي والإسلامي، نأمل أن تتزايد أكثر فأكثر.
أملنا من شعبنا اليمني العزيز أيضاً: أن يواصل ما هو فيه من تفاعل، من تجاوب مع كل الخطوات العملية اللازمة، نحن أكدنا مراراً وتكراراً أن شعبنا اليمني بهويته الإيمانية، وانتمائه الإيماني، بقيمه العظيمة، هو يتطلع إلى أن يكون له دورٌ كبير، وفاعلٌ جداً، في إطار التصدي للعدو الإسرائيلي، وفي إطار الموقف من العدو الإسرائيلي، وفي الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
نحن بحمد الله “سبحانه وتعالى” في هذا البلد، لدينا من المقومات المعنوية والإيمانية، ما يساعدنا على أن يكون هناك دور متميز، في طليعة شعوب أمتنا، في طليعة البلدان من حولنا، بدأت حملة التبرعات وإن كانت صادفت وقت العيد، وأيام العيد، وأثرت عليها أيام العيد، إضافةً إلى تأثير الظروف الراهنة، التي نعاني منها على المستوى الاقتصادي والمعيشي؛ نتيجةً للعدوان على بلدنا، لكننا حاضرون أن نقتسم اللقمة الواحدة مع إخوتنا في فلسطين، حاضرون أن نؤثرهم على أنفسنا؛ لأن شعبنا اليمني هو شعب الأنصار، هو شعب الأنصار الذين قال الله عنهم في كتابه الكريم: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: من الآية9]، وشعبنا سيؤثر على نفسه، ولو كان به خصاصة، ولو كان مستوى المعاناة كيف ما كان، ستستمر حملة التبرعات المالية، بتنسيقٍ قويٍ مع إخوتنا الفلسطينيين، عبر ممثليهم في صنعاء؛ حتى يكون الجميع مطمئناً، بأن ما يقدمه من تبرعات، ومن إسهامات، يصل إلى المقاومة الفلسطينية.
والذي حدث في الاشتباك الأخير مع العدو الإسرائيلي هو جولة من جولات الاشتباك والحرب، ولكن الصراع مستمر، والتحدي قائم، والمسؤولية مستمرة، والدعم المستمر للمقاومة الفلسطينية مسألة مهمة جداً؛ لأنها عند أي جولة من الاقتتال، أي جولة من الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، ولا بدَّ من جولات قادمة وقادمة، ستكون على مستوى أقوى، في ضرب العدو الإسرائيلي، وهو- إن شاء الله- في موقع الضعف، وأصبحت المسألة واضحة جداً، هناك اعتراف في الوسط السياسي الإسرائيلي، بأن الذي حدث في هذه الجولة هو انتصار للمقاومة الفلسطينية، وهزيمة للعدو الإسرائيلي، وإن شاء الله سيتلقى العدو الإسرائيلي المزيد من الهزائم والانتكاسات، وصولاً إلى أن يمنح الله شعبنا الفلسطيني، وأمتنا الإسلامية، النصر الحاسم، والفتح المبين، في استئصال ذلك العدو المجرم، مهما حظي به من دعم أمريكي وبريطاني، ومن تواطؤ من بعض المطبعين الخائنين، المحسوبين على أمتنا العربية والإسلامية، فالله “سبحانه وتعالى” هو مولانا، نعم المولى، ونعم النصير، هو خير الناصرين.
ولذلك نجد أنه هزم في هذه الجولة، حصل على مساندة أمريكية:
على المستوى العسكري.
على المستوى السياسي.
على المستوى الإعلامي.
حصل وحظي بمساندة بريطانية واضحة، حصل أيضاً على منابر إعلامية من بعض الدول، الذين طبعوا معه، وخانوا أمتهم، ولكنه فشل مع كل ذلك؛ لأن من الحتميات الثلاث، التي تحدثنا عنها في محاضرة يوم القدس العالمي:
أن يسقط هذا الكيان، أن ينتهي هذا العدو، أن يخسر وأن ينهزم
ومن الحتميات: أن يخسر الذين يقفون إلى جانبه، بخسارته، وقبل خسارته أيضاً.
ولذلك نحن معنيون في مواصلة كل الجهود، وكل المساعي، الداعمة للمقاومة في فلسطين، والجهود المساندة للشعب الفلسطيني، والسعي لأن نكون في واقعنا العملي بمستوى الإسهام في أي مستوى كان، ونحن كنا على رصدٍ مستمر لطبيعة التطورات والأحداث، لاتخاذ أي قرارات إضافية، تواكب مستوى التحديات، وطبيعة الخطر، ومستوى الأحداث، ونأمل من الله “سبحانه وتعالى” أن يوفق شعبنا لأن يؤدي هذا الدور المميز والعظيم، الذي هو جديرٌ به، بهويته الإيمانية، بإبائه، بحريته، بشجاعته.
كما نأمل أيضاً على مستوى شعوب أمتنا بشكلٍ عام، أن تزداد حالة الصحوة للضمير، والاستشعار للمسؤولية، والالتفاف أكثر وأكثر حول هذه القضية، التي تعني الأمة جميعاً، وتقع المسؤولية فيها على عاتق الأمة بشكلٍ عام.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة افتتاح الدورات الصيفية 1442هـ.