عندما نعود إلى القرآن الكريم نجد في آياته الكثير والكثير من الحديث عن نعم الله “سبحانه وتعالى”، وعمَّا أعده لنا من الأرزاق؛ لأن الله “سبحانه وتعالى” هو الرَّزاق، كما قال “جلَّ شأنه” عنه نفسه: {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: من الآية58]، الرَّزاق ذو القوة:
المقتدر على أن يخلق ما يشاء ويريد مما يحتاج إليه عباده، ومما تحتاج إليه خليقته.
والقادر على إيصال ذلك إليهم.
والقادر على أن يجعله على النحو الذي يناسب احتياجاتهم، فلا يعجز، ولا يضعف “جلَّ شأنه” عن ذلك.
يقول جل شأنه: {وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[الجمعة: من الآية11]؛ لأن رزقه واسع، ورزقه عظيم، ورزقه على أرقى مستوى، نعمه نعمٌ عظيمة.
يقول “جلَّ شأنه”: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: من الآية6]، وليس فقط بني آدم، وليس فقط الإنسان؛ إنما كل الدواب التي على الأرض، {عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، فهو قد خلق أرزاقها، وهيَّأ لها الهداية إلى أرزاقها، وسخَّر لها ما تحتاج إليه في ذلك، وهيَّأ لها الظروف المناسبة لذلك، كل ما يتطلبه الموضوع هيَّأه، {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا}[هود: من الآية6]، هو قادرٌ “جلَّ شأنه” على تدبير أمر رزقها، {كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[هود: من الآية6].
يقول “جلَّ شأنه”: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ}[العنكبوت: من الآية17]؛ لأنه هو الرزَّاق، هو الذي بيده خزائن السماوات والأرض، هو الذي بيده ملكوت كل شيء، الذي هو على كل شيءٍ قدير، فنطلب منه الرزق، ونبتغي منه الرزق، ونأخذ بالأسباب العملية، والأسباب المعنوية، والأسباب المتنوعة التي أرشدنا إليها، للحصول على الرزق والبركة.
يقول “جلَّ شأنه”: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[الإسراء: من الآية70]، هو “سبحانه وتعالى” رزقنا، وليس أيَّ رزقٍ عادي، إنما من الطيِّبات، رزق بني آدم من الطيِّبات، من طيِّبات الرزق، ولهذا النعم التي أنعم بها علينا، ورزقنا بها في الحياة، هي كلها في إطار الطيِّبات، {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء: من الآية70].
يقول “جلَّ شأنه” أيضاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}[فاطر: الآية3]، هو “جلَّ شأنه” الذي خلق كل ما نحتاج إليه، متطلبات حياتنا الأساسية هي من خَلْقِه، خلقها رزقاً لنا، ونعمةً علينا، وجعلها من الطيِّبات، في المأكولات، والمشروبات، والملبوسات… ومختلف أغراض الحياة للإنسان، ليس هناك إلهٌ آخر يمكن أن نقول: [أمَّا تلك النعم فهو الذي أوجدها وخلقها من العدم].
يقول “جلَّ شأنه” أيضاً: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ}[الشورى: من الآية12]، يعني: يوسِّعه، {لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}[الشورى: من الآية12]، يجعله بِقَدَر، وفق حكمته “سبحانه وتعالى”، لكنه يرزق، يرزق الجميع، ويصل رزقه إلى الجميع.
من أسمائه الحسنى “سبحانه وتعالى”: الوهاب، فهو المنعم واسع النعمة، والذي يهب الكثير والكثير من نعمه لعباده، سواءً ما كان منها النعم الجماعية، أو على مستوى كل شخصٍ منهم، أو مستوى ما أنعم به على البعض منهم، الوهاب، فهو يهب الكثير والكثير والكثير بغير حساب، يقول “جلَّ شأنه”: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ}[ص: الآية9].
من أسمائه الحسنى “سبحانه وتعالى”: الكريم، {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار: الآية6]، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن: الآية78]، ولذلك نعمه واسعةٌ جدًّا، عطاؤه عطاءٌ واسعٌ جدًّا، وعطاءٌ كريم، يقدِّم أحسن الأشياء، أفضل الأشياء، ذات جودة عالية، ذات منفعة كبيرة، ذات جمال وروعة، نجد هذا في مختلف ما أنعم به علينا، من المأكولات وغيرها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة السابعة عشرة 1442هـ