بقلم / مرتضى الحسني
في أواخر أُكتوبر/ تشرين الأول من العام 2019 أعلنت الإماراتُ انسحابَ قوَّاتها من اليمن، مُدَّعِيَةً انتهاءَ مهامها في اليمن، وتسليم ما كان تحت سيطرتها للقوات السعوديّة المتواجدة في الجنوب، وَفي فبراير/شباط من العام 2020 احتفلت الإمارات بعودة قواتها المشاركة في العدوان على اليمن وكشفت عن حجم مشاركتها في الحرب والتي تمثلت في ما يزيد عن 15 ألفاً من قواتها البرية، وَ50 قطعة بحرية فيها أكثر 3000 آلاف بحارٍ مقاتل وتنفيذ أكثر من 1000 رحلة بحرية نقلت ملايين الأطنان من الأسلحة والمعدات والذخائر ناهيك عن حجم الطلعات الجوية التي زادت عن 130 ألف طلعة جوية، وَأَيْـضاً تدريب أكثر من 200 ألف مرتزِق يمني والإشراف عليهم بحسب ما قاله الفريق عيسى المزروعي نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإمارتية.
كل هذا على ما يبدو -وحتى إن كان صورياً- جعلها شبه نائيةٍ عن الاستهداف المباشر من قبل القوة الصاروخية ووحدة الطيران المسيَّر التابع للجيش واللجان الشعبيّة في صنعاء علماً بأن يد اليمن الطولى قد نالتها أكثر من مرة ما بين كانون الأول/ديسمبر 2017 وَتموز/يوليو 2018 وأبرزها ضرب مفاعل براكة النووي جنوب غرب أبو ظبي بصاروخ كروز (قدس2) واستهداف مطار أبو ظبي الدولي بطائرة من نوع (صماد3) وهذا على الأرجح ما جعل الإمارات تتراجع جزئياً مع التواري خلف عباءة السعوديّة، ومحاولة التنصل عما يحدث في اليمن وإلصاقه على ظهر السعوديّة.
الإمارات استطاعت أن تحافظ على صورتها أمام رأس المال العالمي وخَاصَّة صورة الأمن التي تميزت بها مقارنة بجاراتها من دويلات الخليج كما أنها صدحت بعلاقتها مع الكيان الصهيوني التي ظلت مخفية طيلة العقود الماضية كي توسع من مجالاتها الاقتصادية في استقطاب الإسرائيليين بشكل علني ورسمي وهذا ما حدث فعلاً مع التركيز على تلميعها أمام الرأي العام العالمي عُمُـومًا والإسرائيلي خُصُوصاً، وَوسمها بدولة السلام والحضارة إلى آخر ذلك.. ومن أبرز مرتكزاتها أَيْـضاً الدخول في اتّفاقيات عسكرية تعاونية وتأهيلية وأمنية مع الكيان الصهيوني علاوةً على تلك الخبرات والتي بادلتهم إياها أمريكا والغرب بشكل عام.
لكن على أعتاب العام 2022 عادت الإمارات إلى اليمن عبر بوابة شبوة بتصعيدٍ عسكري كبيرٍ وخطير أقدمت به وبدون حسبان للعواقب التي ستؤول إليها نتيجة عملها هذا، فميدانيًّا من قدمتهم ليسوا سوى مرتزِقةٍ -بالأول والأخير- تستخدمهم في سبيل مآربها ولا يهمها سقوط المئات منهم صرعى على يد الجيش واللجان الشعبيّة في بيحان شبوة ومأرب، كما أنها لم تتوانى عن شن عشرات الغارات يوميًّا وبشكلٍ هستيري، ليخرج المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة محذراً لها عسى أن تُحكِّمَ عقلها وألا تفرط في غيها لكن ذلك لم يلقَ أي اهتمام من الإماراتي، فجاء الرد من صنعاء بضرباتٍ صاروخية ومسيَّرة دقيقة في عمق الإمارات وخَاصَّة ضربت الأهداف الحيوية في كُـلّ من أبو ظبي ودبي سواءً في المطارات أم في المناطق الصناعية والقواعد العسكرية في عمليتين متتاليتين في أسبوع واحد حملتا اسم إعصار اليمن 1 وَ2.
الضربتان جاءتا في وقتٍ تمر فيه الإمارات بوضعٍ يشكل طفرة سياحيةٍ عالميةٍ وأنظار العالم كله صوبها مع احتضانها لمعرض إكسبو العالمي الذي يُستضاف لأول مرة في الشرق الأوسط، كما أن الإمارات قضت ما يقارب الخمس سنوات وهي تعد فيه العدة وتبذل كُـلّ طاقاتها لإنجاحه والسعي وراء تحقيق هذا الإنجاز المهم في تاريخها.. كما أن الاستهداف جعل من الإمارات وترسانتها الدفاعية أضحوكة أمام العالم وخَاصَّةً حليفيها الأكبر أمريكا وإسرائيل، كما أن أمريكا قابلت شكوى الإمارات إليها بتحذير المواطنين الأمريكيين من السفر إلى الإمارات كونها غير آمنة نتيجة استهداف اليمنيين لها، أما إسرائيل فقد كانت سباقة في المبادرة للمساعدة الأمنية للإمارات كون أمنها من أمن إسرائيل.
قيل (اتق شرّ الحليم إذَا غضب) والإمارات لم تفعل هذا بل أمعنت في حقدها وارتكبت قبل أسبوعين جرائم حرب في حق الشعب اليمني وقصفت حياً سكنياً بالعاصمة صنعاء نتج عنه حوالي 14 شهيداً أكثرهم نساء وأطفال وألحقته بجريمة في الحديدة نتج عنها أربعة شهداء ثلاثة منهم أطفال ثم جريمة السجن الاحتياطي بصعدة والذي راح ضحيتها 91 شهيداً وأكثر من 230 جريحاً.. فهل يا ترى ستواصل الإمارات إجرامها وبغيها أم ستحافظ على ما تبقى من سمعتها الأمنية والاقتصادية؟!