إلى كُـلّ الأحرار.. في الذكرى الـ 59 لثورة الـ 14 من أُكتوبر المجيدة

إلى كُـلّ الأحرار.. في الذكرى الـ 59 لثورة الـ 14 من أُكتوبر المجيدة

عبد القوي السباعي

ونحن نحتفي بذكرى ثورة الـ 14 من أُكتوبر المجيدة التي مثلت تنفيذاً عمليًّا لإرادَة الشعب اليمني في التحرّر والاستقلال والسيادة وامتلاك القرار، هو تأكيد بأن الثورة اليمنية ثورة واحدة ومُستمرّة، وأن انتصاراتها التاريخية الحاسمة هي التتويج الرائع والأمثل لمسيرة النضال الوطني، الذي خاضه الشعب اليمني شمالاً وجنوباً؛ مِن أجلِ أن ينال حريته وينتصر لسيادته.

ففي مثل هذا اليوم ومنذ 59 عاماً مضى، انطلقت شرارة الكفاح المسلح، وثارت براكين التحرّر من جبال ردفان الشماء، إيذاناً بفجرٍ جديدٍ على الأرض اليمنية الطاهرة، فتعانقت جبال ردفان وعيبان ونقم وشمسان لتصنع المعجزة اليمنية الخالدة، بتلاحم شعبنا في ملحمة نضالية رائعة، وهو يخوض الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني البغيض وكل أدواته المزروعة في جسد الأرض، وهب أبناء الجنوب ببسالةٍ يمانية ثورية، وإيمَانٍ حقيقي متوقد، بالأهداف الوطنية الجامعة، حتى تحقّق الاستقلال والتحرّر الوطني، وانتصرت إرادَة الخير على قوى الشر والاحتلال والعدوان، ليواصل أبناء الجنوب نضالاتهم على طريق الثورة، لتحقيق كُـلّ الأهداف، والتقدم نحو تحقيق حلم الآباء والأجداد المتمثل بالوحدة اليمنية.

إن احتفالاتِنا المُستمرّةَ بأعياد الثورة اليمنية مهما تقادم عليها الزمن، هي تعبير عن الوفاء لتضحيات الشهداء الأبرار، وتمجيد وتخليد لذكراهم، وتقدير وإجلال لعظمة تضحياتهم وبطولاتهم، وعرفان بكل الإسهامات والأدوار الوطنية للثوار والفدائيين ومناضلي حرب التحرير، الذين سيظل دورهم وكفاحهم نبراساً وسجلاً حافلاً بالدروس الحية نتعلم وتتعلم منها الأجيال المتعاقبة وتعتز وتفتخر بها، وتسير على نهجها في كُـلّ مواقع البذل والعطاء والتضحية والفداء.

غير أن أعداء هذه الثورة المباركة وثوارها الميامين قد عادوا من جديد، إذ لم ولن يروقهم أن يتمكّن الوطن اليمني من الدخول إلى رحاب مرحلةٍ أكثر إشراقاً وازدهاراً، وأعمق أمناً واستقراراً، وأكثر اقتداراً على إنجاز كُـلّ الغايات والطموحات التنموية الوطنية، لا يسرهم أن يروا أبناء وأحفاد ثورة الـ14من أُكتوبر ينهضون على أَسَاسٍ من الحرية والاستقلال، من العدل والمساواة، لا يتمنوا لهم حتى أدنى مقوم في هذه الحياة قد يخفف من المعاناة المعيشية اليومية، بقدر ما يسعوا إلى اجتثاث هذه الثورة من وجدانهم وفكرهم، بل ومعادَاة أفكار وأهداف ومبادئ الثورة.

وهو ما يفرض على جميع الأحرار وكلّ القوى الوطنية الحرة حشد الطاقات والإمْكَانيات والقدرات الوطنية، ومواصلة الكفاح والنضال وتوجيه بوصلة الثورة وشررها باتّجاه الغازي والمحتلّ الذي عاد مجدّدًا تحت عناوين زائفة، وشعارات براقة، وبأوجهٍ مستعارة، تارةً متدثراً تلابيب العروبة وقمصان الوطنية، وتارةً أُخرى بجلابيب الحزم والعزم والأمل، وأُخرى بالحرية والأمن والرخاء، زوراً وبهتاناً، والواقع يشهد أنه وعلى مدى ثماني سنوات مضت، والمحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية، تعاني الأمرين، من هذا المحتلّ القديم الجديد، الجاثم عليها والناهب لخيراتها وثرواتها والكاتم على أنفاس أهلها معربداً ومفسداً ومهلكاً الحرث والنسل.

لذلك فَـإنَّ من واجب الوفاء لثورة 14 أُكتوبر اليوم وغداً، يقتضي من كُـلّ يمني حر شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، في هذه المرحلة الهامة والمفصلية من تاريخ شعبنا، أن نوطد العزم جميعاً، ونضاعف الجهد والعمل النضالي بكل أشكاله وأساليبه؛ مِن أجلِ التحرّر من الهيمنة والاستغلال والاحتلال، وأن نفرض إرادتنا واستقلال قرارنا وأن ننتزع حقوقنا من براثن المحتلّ الأجنبي، وأن نعمل على تحقيق حياة أفضل للشعب والوطن، مدركين بيقين أن ذلك لن يتأتى إلا بتظافر كُـلّ الجهود الخيرة، من خلال التلاحم والتعاون، مؤمنين بأن طريق التقدم والتحرّر ليس بطويل، ولا يتوقف عند غاية، ولا يستقر عند نهاية، غير أنه الطريق الصحيح، طريق الثورة والنضال، طريق الكفاح والجهاد، طريق الاعتصام والوحدة، والله من وراء القصد.