انطوت أيام العام الخامس من العدوان كسابقها من الأيام ودخلنا في عام سادس ودول العدوان ماتزال متشبثة بمطامعها وعدائيتها لبلدنا اليمن التي عُرفت وعرفها الجميع بأنها مقبرة الغزاة ،
هو عهدُ قطعته على نفسها ولإبنائها بأن تظل هي وكل شيء عليها من عشاق الكرامة والحرية وأن تكون رمالها كالحميم المنصهر على كل من يدوسها طامعاً فيها أو يحاول المساس بأمنها وأمن شعبها ، وعاهدها أبنائها أن يتساقط بأسهم ويلاً وثبوراً على كل من تسول له نفسه النيل من كرامتهم أو المساس بأرضهم، فكان كلاً منهما وفياً للأخر بعهده وهذه هي شيمة اليمن وأهلها ،وهل يليق بهم إلا الوفاء ؟ وهاهم يعمدون بدمائهم عهودهم في الذود عن اليمن كيد الطغاة والمعتدين .
مابين ساعات العدوان الأولى وهذه الساعات التي دخلنا فيها عام سادس منه تستعيد الذاكرة عافيتها وتمر أمام أعيننا شريط كامل لذكريات فيها الكثير من المشاعر المتباينة ببين الألم والأمل والحزن والفرح ،
فثمة حقائق حزينة من الصعب تجاوزها أو تجاهلها ، وثمة أحداث مؤلمة تتشبث بالذاكرة ولا نستطيع نسيانها أو نكران ماأحدثته فينا من تجاعيد للألم مهما غمرتنا الايام بالفرح والسعادة تبقى معالمه عالقة في حجرات قلوبنا .
فمن منا لم يكوى بنار هذه الحرب ،من منا لم تفقده عزيزاً عليه وتلفحه بلهيب نيرانها ، وأثار ماأسقطه المعتدون علينا من نار غضبهم الذي شنوه علينا متسللين تحت جنح الظلام ونحن أمنون في منازلنا ولاندري ماالذي يتساقط علينا،
ظن الكثير أنها القيامة قامت ولم يكن يعلم أنها قيامة الحاقدين والطامعين في اليمن، جعلتهم أحقادهم يشنون حرب علينا تغذت على أجساد الأبرياء جلهم من الأطفال والنساء، قتلت كل شيء جميل واغتالت الحاضر الذي نعيشه والأحلام التي لطالما داعبت بلطف قلوبنا تفاؤولاً بمستقبل افضل ،
كل شيء غدى على الأرض اليمنية هدفاً لغارات العدوان ولم نعد نسمع إلا أصوات الرصاص وازيز الطائرات ، ونيران تحرق الأخضر واليابس، وأدخنة أصابت صدورنا بأوبئة لم نجد لها من دواء جراء حصارهم المطبق علينا .
مائتان وسبعة وخمسون الف" غارة حصاد خمس سنوات للعدوان خلفت ورائها الكثير من الضحايا والدمار ولكنها أوقدت في صدور اليمنيين جذوة صمود بات يتساقط رعباً وهلعاً على دول العدوان التي ظنت دخول اليمن أمراً سهلاً وفي غضون أيام ستكون اليمن تحت عبائتها لتسلمها فيما بعد للأمريكي
من أدخلها في هذه الورطة ومن واشطن اعلنوا حربهم على اليمن،
لم تكن تعلم أو ربما تناست أن اليمنيين قال ربنا عنهم (نحن أولوا قوة وألوا بأس شديد) .
فمازادت هذه الحرب اليمن إلا قوة وصمود نحت له من النصر آيات عانقت السماء، وطالت الفرقدين ، واسمعت العالم صوت اليمن الذي غابت عنه إنسايته وتساقط من أعينها كل القوانين البراقة و المزعومة للإنسانية وتهاوى كل دعاة السلام المزيفون ،
حين أغراهم لمعان الريال السعودي فداسوا عل كل آيات السلام منضمين لصف الطغاة ،
فكانت اليمن وحيدة وفي وضع مأساوي ،
وحدهم الأحرار من دول المقاومة من كانوا معها بالكلمة والدعم المعنوي بعد الله الذي كان مع اليمنيين حين وثقوا به وبقوة نصره للمظلومين ،
فتساقطت كل خطط العدوان وكل مؤامراتهم وبقت اليمن شامخة بأبنائها وجبالها بسهلها ورملها وبحورها حتى وإن طال أمد الحرب وزاد خبثها فما سيزيدنا طول أمدها إلا عزة وعنفوان وسنتطور من قوة ردعنا أكثر وماذاك الذي وصلهم إلا جزء من بأسنا وليس كله، وسنستمر فيها عاماً بعد عام لنفاجأ العدو بما لم يكن في حسبانه.
ستنتهي الحرب يوماً ما ولن تنتهي اليمن ولا شعبه وسندرك ذات يوم أن هذه الحرب لم تكن إلا كزائر ثقيل حط رحالة البائسة بيننا فترة من الزمن ورحل وبقي اليمن جميلاً قوياً شامخاً وظلت كرامته تاجاً على رؤس أبنائه الأحرار