تأمل هذه الكلمات المعبرة جدا في الآية الكريمة :” و أما ثمود فهديناهم، فاستحبوا العمى على الهدى” الله( تعالى) لم يقل : ( فعرفناهم) بل قال بوضوح ” فهديناهم ،والفرق بينهما كبير واضح ومع ذلك : استحبوا العمى على الهدى ؛ و لهذا يجب أن نحمد الله على نعمة الهداية والولاية والمسيرة القرآنية ، ونتفاعل مع هدى الله بجد واهتمام ونغير أنفسنا ونصحح أخطاءنا ، ونلتزم بتوجيهات العلم ، ونطبق ماينطق به من هدى القرآن على أرض الواقع لكي ننتصر ونحظى برعاية الله ونكون جديرين بمعية الله لنا .
محاضرات هذه الأيام تكفي لأن نكون على أرقى مستوى في علاقتنا بالله ( سبحانه وتعالى ) وفي كافة شؤون حياتنا .. معاملتنا .. نظرتنا ..تحركاتنا .. توجهاتنا . دروس شاملة ومن كتاب الله كما أنه واجب علينا الالتزام خاصة نحن الذين وفقنا الله للجهاد في سبيله مادامت فينا حياة ، و كذلك هو واجب الأمة المسلمة الالتزام بالقرآن و هديه من خلال النظر الواعي للقرآن وما يقدمه قرينه ، يمكنها بناء قلعتها الحصينة ومد برجها العالي في طباق السماء إذا رجعت الى القرآن ، وأعلام الهدى، وابتعدت عن العلل التي تستوطن تفكيرها وتشل فهمها .
ولن تقوم لأبناء الأمة قائمة ما لم يتهموا أنفسهم بالعجز والقصور في إدراك مرامي القرآن البعيدة التي حجبت عنهم عندما زاغت عقولهم ، وضلت أفئدتهم ، واتبعوا الأفكار المغلوطة ، و وساوس الشياطين من الجن ومن الإنس علماء ومفكرين وخطباء ومرشدين وإعلام وقنوات تابعة للمضلين .
و لذلك فإن النهوض والصلاح والفلاح والعزة والكرامة والتمكين مرهون بمحاولة الاستشفاء من كافة الأمراض والعلل التي كبلت الأمة ، وعرقلت خطاها بتلك الأفكار المغلوطة لأن في حروف القرآن ، في هدى الله، في كلماته وموضوعاته التي ينورنا بها السيد القائد (‘عليه السلام) ويوضح معانيها ودلالتها مناجم غنية بكل ما تحتاجه الإنسانية من خير لعمران دنياها وأخرتها ، فلابد ( إذن ) من التفهم والاستجابة لما يدعو القرآن ، وعلم الهدى إليه ، و لا بد أن تحاول الأمة تفهم الآيات بوعي أعمق ، وفكر أبعد ، وشمولية تتسع لغايات القرآن الأزلية الأبدية لكي تنهض وتبني واقعها على أساس صحيح وحينها سوف يتأهل المسلمون لاستعادة دورهم التاريخي الكبير ، وهدى الله هو المدد الخلاق ، والثورة المتجددة ، والينبوع الفياض الذي لا ينضب معينه أبدا ، والذي يحمل في حروفه كل الأسرار الكفيلة بالنهوض والتقدم لهذا العالم الموار ، ومن محاضرات علم الهدى التي يبين معالم القرآن فيها ويخاطب بها الأمة كافة سيرشح المسلمون( لو عملوا بها حتما ) لقيادة البشرية جمعاء ، والإمساك بزمام قافلتها ففيها من أسباب النهوض مايكفي .